يشعر الكثيرون بالقلق والخوف والترقب وهم يتابعون الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة العدل، والتي تقول بأن (82) امرأة تحصل على لقب مطلقة يومياً، وأن المملكة تأتي في المرتبة الثانية من حيث طلاق المواطنين بنسبة تصل 92 %.. وهي معدلات مرتفعة جداً تنذر بمزيد من الكوارث الاجتماعية في حال لم تتحرك الجهات المعنية لرأب هذا الصدع الكبير، وإيجاد حلول اجتماعية تنقذ الأسرة السعودية من التصدع.
البعض لا يريدون أن يتعاملوا مع المرأة على أنها أمٌّ وليست أَمَة، مربية وليست خادمة، شريكة عمر لا رفيقة درب عابر، والرجل هو ربَّان السفينة، يفترض ألا يعرضها لهوج الرياح، فها هم الأطفال قد وقفوا والصدمة تكاد تقتلهم بعدما فقدوا معاني الإحساس بالأمن والحماية والاستقرار، وباتوا فريسة صراعات بين والديهم حول تبعيتهم التي قد تتجاوز حدود المعقول؛ حيث يتسابق كل منهما ليكسب الطفل إلى جانبه، ولو أدى ذلك إلى استخدام الوسائل الجذابة كالرشوة أو التجسس أو تشويه صورة الآخر.
هنا تتحطم الصورة المتوازية لتركيبة الزوجين في ذهنية الطفل، الأمر الذي يجعله يفقد الثقة بالاثنين معاً، ويقوده إلى رفاق السوء الذين يقودونه إلى عالم الجريمة والانحراف.
تعود المطلقة تحمل جراحها وآلامها ودموعها كونها الجنس الأضعف في مجتمعنا التقليدي.. تتحول إلى إنسانة محطمة؛ تصبح عرضة لأطماع الناس وللاتهام بالانحرافات الأخلاقية.
ينظر المجتمع إلى المطلقة نظرة ريبة وشك في تصرفاتها وسلوكها؛ لذا غالباً ما تشعر بالذنب والفشل وخيبة الأمل والإحباط، مما يزيدها تعقيداً ويؤخر تكيفها مع واقعها الحالي.
كثيرون لا يريدون أن يدركوا أن المرأة لا تلجأ إلى الطلاق إلا بعد أن تصل ذروة اليأس والفشل والألم، وتحتاج إلى فترة تطول أو تقصر ليعود لها التوافق النفسي؛ فهي تمر بمرحلة الصدمة حيث تعاني الكثير من الاضطراب الوجداني والقلق بدرجة عالية، ثم تمر بمرحلة التوتر التي يغلب عليها القلق والاكتئاب وتتضح آثارها في الأساس بالاضطهاد والظلم والوحدة والاغتراب والانطواء والتشاؤم وضعف الثقة بالنفس، وعدم الرضا عن الحياة، وأخيراً مرحلة إعادة التوافق التي ينخفض فيها مستوى الاضطراب الوجداني، وتبدأ إعادة النظر في مواقفها في الحياة بصفة عامة.
وتكالبت كل الظروف على المرأة المطلقة فباتت تُحارب من كل الاتجاهات فعلى جانب الإسكان الذي أقرّته الدولة للمواطنين نجد أنهم وضعوا عراقيل عديدة لها، فهي مطالبة بأن تحضر صك ولاية لأبنائها، وإذا كانوا تعدوا مرحلة الطفولة ويعيشون لدى والدهم لا يحق لها الحصول على إسكان، ولا يشعر ملاك العقارات بالرحمة تجاه المرأة المطلقة، فهم يرفضون تأجيرها بحجة أنها امرأة وتجد صعوبة كبيرة في الحصول على السكن تعيش داخل جدرانه ويشترطون وجود محرم، وإلا فسوف تلقى على قارعة الطريق، إضافة إلى جلد الناس لها بألسنتهم وكأنها كائن غريب لا يستحق العيش أو البقاء.
- باحثة اجتماعية