نجيب بن عبداللطيف العيسى
جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - للشعب السعودي الكريم شاملاً، متسع الرؤية، يستوعب كل الإنجازات ويحاصر المعوقات، يضع المملكة العربية السعودية على أعتاب مستقبل جديد زاهر، وملاحقة سبل التحديث ليظل الوطن بين الكبار دائماً، دون أن يغفل الخطاب التأكيد على الاستقرار الاجتماعي ومحاربة الإرهاب.
أما الشباب فقد جاء الخطاب ليضعهم في بؤرة الاهتمام ويعتبرهم أهم استثمار للوطن، وجعلهم مقدمة وأسباب النهوض بالوطن والمحافظة على الأطر العامة للمجتمع وتدعيم أركانة، لذا فنحن أمام خطاب تاريخي، شامل، مانع للالتباس، مثل مشرط الجراح الذي يستأصل المرض، ويمنح الحياة للبلاد وسط أجواء عالمية مضطربة.
ولعل المضامين الرئيسية في هذا الخطاب التاريخي تحتاج لمزيد من التأمل والتمحص نظراً لما يمثِّله من إلمام بكل المعطيات السابقة وكل الطموحات المستقبلية وكل التطمينات الواقعية التي تحفظ للوطن مكانته وهيبته، فقد أكد خادم الحرمين الشريفين على مواصلة العمل على الأسس الثابتة التي انطلق منها الوطن العزيز منذ توحيده على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - وتتمثّل في التمسّك بالشريعة الإسلامية الغرَّاء، وحفظ وحدة البلاد وتثبيت أمنها واستقرارها، والعمل على مواصلة البناء وإكمال ما أسسه ملوك هذه البلاد - رحمهم الله - بالسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في كافة مناطق المملكة، والعدالة لجميع المواطنين، وتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة.
وخصص الخطاب حديثاً صادقاً ومخلصاً للشباب من الجنسين، يدفعهم للأمل ويحرضهم على العمل والانخراط في مشروعات التنمية بالعلم واكتساب الخبرات، فقد قال لهم: «لقد سخرتْ لكم دولتكم كل الإمكانات، ويسَّرت لكم كل السبل لتنهلوا من العلم في أرقى الجامعات في الداخل والخارج، والوطن ينتظر منكم كثيراً، فعليكم أن تحرصوا على استغلال أوقاتكم في التحصيل، فأنتم استثمار المستقبل للوطن ونحن حريصون كل الحرص على إيجاد فرص العمل بما يحقق لكم الحياة الكريمة، وعلى الحكومة والقطاع الخاص مسؤولية مشتركة في هذا الجانب»، ومن هنا فإن القادم سوف يشهد المزيد من أدوات البناء والتنمية على أيدي هذه الأجيال الفتية.
لقد نجح هذا الخطاب في تخصيص الاهتمام لكل فئة أو شريحة من أصحاب الاهتمامات، لم يلجأ للإشارة في موضوع، بل فصَّل وأوضح، وهذا ما يجعله خطاباً شاملاً للأمة بامتياز، وقد أثارني كرجل أعمال ما خصصه مليكنا الكريم لرجال الأعمال عموماً، حيث أكَّد أنهم دون استثناء شركاء في التنمية، وأن الدولة تعمل على دعم فرص القطاع الخاص ليساهم في تطوير الاقتصاد الوطني، وخاطبنا بقوله: «أنتم جزء من نسيج هذا الوطن؛ الذي قدّم لكم كثيراً من التسهيلات والامتيازات، وينتظر منكم كذلك كثيراً، فعليكم واجب المساهمة بمبادرات واضحة في مجالات التوظيف والخدمات الاجتماعية والاقتصادية».
لذا فنحن أمام خطاب يوحّد الجميع، قيادةً وشعباً، لتصبح وحدتنا أقوى دعم لحماية الوطن واستقراره ورفاهيته، ونحن نبايعكم على المزيد من العطاء.