أهدى لي الأخ الفاضل أيمن بن سعد النفجان كتابه الذي سمَّاه من أخبار شرق الجزيرة العربية في ثلاثة قرون من 600هـ إلى 930هـ، وأشكره على اهتمامه وتفضله.
وهو كتاب من الحجم المتوسط ويقع في 172 صفحة، في خمسة فصول، بدأها بالمقدمة وتكلم فيها عن المصادر، ومن ضمن ما تطرق له: المصادر الفارسية ووضَّح المشكلة التي تواجه الباحث وهي ضخامتها وعدم إتاحتها مترجمة، وهذا قد يكون نداء للمؤسسات للنظر في هذه المصادر ومحاولة إيجاد جهة تتولى جلبها وترجمتها، ثم قسَّم الأحداث في الأربعة الفصول الأخرى.. وكان العنوان الأبرز في الفصل الثاني هو: ضعف الدولة العيونية في القرن السابع الهجري وسيطرة بني عامر.. والأحداث الفاصلة فيه.
وحاول المؤلف كثيراً الربط بين الجانب الاقتصادي والجانب السياسي، وهذا يتضح على سبيل المثال لا الحصر في كلامه عن التاجر ابن السواملي الذي أصبح فيما بعد سلطاناً، ومن الجوانب المهمة الغائبة أحياناً هي ازدهار تجارة الخيل في تلك العصور، وكان المركز التجاري العالمي لها هو منطقتنا هذه، فكانت الخيل منتجاً تتنافس عليه الأمم من حولنا، لذلك لم يكن عباس باشا عندما أرسل لجنة لتقصي الخيل في نجد، والسؤال عن أحوالها وأصحابها وأصولها لم يكن بمعزل عن هذا المفهوم الاقتصادي لخيل الجزيرة العربية والتي أصبحت في عصرنا هذا بعيدة عن ماضيها، حيث برزت بريطانيا برعايتها للجواد العربي، وأصبحت المخوّل في إصدار الشهادات لها.
ذكر المؤلف أن السواملي كان يبيع 1400 جواد على ملك الهند، وقيمة الجواد 220 ديناراً من الذهب الأحمر، وذكر المؤلف قصيدة ابونمي والتي مدح فيها سكان بعض القرى، وهي:
يا أهل سلع وأهل كاظمة
وعالج لا عداكم المطر
ودادهم مذهبي وإن بعدوا
أرعى لماضي الوداد أن هجروا
واستنتج منها المؤلف أن تلك القرى كانت عامرة في تلك الحقبة.
ومن ضمن ما أرّخ له خروج مانع المريدي جد الأسرة السعودية من شرق الجزيرة العربية ونزوله على صاحب الحجر في وسط نجد علي ابن درع رئيس الدروع أهل وادي حنيفة، وهو من قبيلته وكان بينهم تواصل، فأعطاه المليبيد وغصيبة فنزلها وعمّرها، وسمّاها على قريته القديمة الدرعية القريبة من القطيف.
وفي الفصل الأخير: التجاذبات السياسية والعسكرية بين العرب من جهة، والفرس والبرتغاليين من جهة أخرى، وهي الحقبة التي سبقت انضواء الإقليم تحت الحكم العثماني.
وكذلك تناول الجوانب الدينية في شرق الجزيرة، وأورد أسماء بعض العلماء في المنطقة.
الكتاب يغطي حقبة تاريخية مهمة جمع فيه ما شتتته المخطوطات وتناثر بين الحوليات وغيرها.. أسأل الله له، ولكل باحث جاد التوفيق والسداد.
** ** **
- كتبه/ عبيد محمد أبوثنين