أكد فضيلة الشيخ صالح المغامسي أن الإسلام أكبر من أن يحتويه فرد أو جماعة أو دولة وأن هناك محاولات عبر التاريخ الإسلامي لنسج عباءة يلبس بها الإسلام لكن العباءة تمزقت وبقي الإسلام دين الله الخالد الواسع سعة رحمة الله.
وأوضح فضيلته في المحاضرة التي أقيمت ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الكتاب في قاعة المؤتمرات في مركز معارض الرياض تحت عنوان الإسلام والتعايش أننا كمسلمين بحاجة إلى التعايش فيما بيننا قبل أن نمد أيدينا أو نبحث عن التعايش مع الآخر.
وكان الشيخ المغامسي قد بدأ محاضرته بالحديث عن المحكمات من أي القرآن الحكيم داعيا إلى أن يرد المتشابه إلى المحكم في القرآن الكريم إذا التبس أمر ثم استعرض ضرورات التعايش بين البشر على أساس أن الله خلق الناس مختلفين لكنهم يعيشون على أرض واحدة وأن التدافع بين الناس سنة من سنن الله وهذا التدافع هو الذي يفرض التعايش.
وأشار في محاضرته إلى أن وزارة الثقافة والإعلام وفقها الله في جعل شعار المعرض لهذا العام هو الكتاب تعايش ثم تطرق إلى أن مبدأ التعايش السلمي ظهر كمصطلح سياسي إبان ما كان يعرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي ويعزى ظهور هذا المبدأ إلى تكافؤ القوى مبينا أننا كمسلين لا نمتلك قوة ردع تمكننا من نيل مبدأ التعايش السلمي لكن هناك مبدأ آخر من مبادئ التعايش هو التعايش الاقتصادي القائم على تبادل المنافع بين البشر إلى جانب ظهور وجه آخر من أوجه التعايش هو التعايش الثقافي موضحا الفارق بين حوار الثقافات والتقارب بين الأديان باعتنبار مصطلح التقارب بين الأديان مرفوض لأنه يعني فيما يعنيه تخلي طرف عن دينه ليتقارب مع الآخر بينما حوار الثقافات يمكن ان يحصر في الحوار على مالم ينزل به شرع الله وهو ما نادى به الملك عبد الله رحمه الله في دعوته للحوار.
وتطرق الشيخ المغامسي في محاضرته إلى ظهور مصطلح الشرق الأوسط الجديد بأبعاده التي نشأ عنها ردة فعل وللأسف أنها لم تصدر عن عقلاء الأمة واتخذ البعض من الإسلام غطاء لما يقومون به تحت مسميات ما انزل الله بها من سلطان مع انه ليس للمسلمين اسم غير الإسلام الذي سماهم الله به في محكم كتابه.
وكشف الشيخ المغامسي في محاضرته عن تلقف بعض الناس لكل كتب التراث على أن ما فيها لا يقبل النقاش ولا الجدل مع أن فيها الغث والسمين مشددا أنه غير كتاب الله وسنة رسول الله يؤخذ منه ويرد وهناك اختلاف في الأزمان والأحداث ولكل عصر ما يناسبه.
واختتم محاضرته موضحا ان هناك من البشر من يقرأ النصوص وفق هواه أو لا يقرأ إلا ما يريده هو وهذا سبب ما نراه اليوم من تطرف في المواقف.
بعدها بدأت المداخلات والتعقيبات حيث كان السؤال الأول حول وثيقة المدينة التي أبرمها الرسول صلى الله عليه وسلم بين سكان المدينة من المسلمين ومن بقي من الأوس والخزرج على وثنيتهم واليهود وهل يمكن القول إنها أول وثيقة سياسية وكيف يمكن تمثلها في عصرنا الحاضر وأجاب الشيخ المغامسي بإيراد المصادر التي ذكرت الوثيقة من كتب السيرة والتاريخ وأرجح الأقوال فيها مبينا أنه قبل أن نعرف كلمة دستور المترجمة كانت هذه الوثيقة التي قامت على مبدأ المواطنة وأنها كفلت التعايش بين سكان المدينة باختلاف أديانهم ولم يكن هناك فصل في التعامل بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من تاجر يهودي طعاما ولم يكن لديه نقود فارهنه درعه على الرغم من وجود تجار من المسلمين بل إن عددا من كبار الصحابة مثل أبي بكر الصديق وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم كانوا تجارا ولم يقاطع الرسول صلى الله عليه وسلم اليهودي التاجر ويذهب إليهم.
وفي رده على سؤال حول الحدود في الإسلام مثل قطع يد السارق وما شابهه أوضح فضيلته أن المناط به تنفيذ الحدود الشرعية هو ولي الأمر وأنه لا يحق لكبير قوم او جماعة مهما بلغت مكانته ووجاهته أن ينفذ الحدود حتى لو ضبط الجاني متلبسا مخاطبا الجميع أنه ليس من مسئولية أحد تنفيذ أي حد من حدود الله غير ولي أمر المسلمين.
وفي سؤال حول سؤال من إحدى الحاضرات عن غياب المرأة عن محاضرته رغم أنها تعاني من الإقصاء ومطلوب منحها حق التعايش في كثير من الأمور موضحة أن أي موضوع متصل بالمرأة يشهد من الجدل ما لم يشهده موضوع آخر أجاب فضيلته أنه للأسف هناك من جعل من المرأة متهمة بدافع الخوف عليها ونصب من نفسه شرطيا لحمايتها مؤكدا أن الأصل هو البراءة وإذا وجدت أخطاء فهي من طبيعة البشر رجالا كانوا أم نساء وليست مبررا لأن نجعل من المرأة متهمة ونسلبها بعض حقوقها.
وقد تميزت المحاضرة بحضور لافت من الجنسين وكان من بين الحاضرين معالي الدكتور فيصل بن معمر أمين عام مركز الحوار الوطني.