إن الأنوثة صفة أصيلة تختص بها الأنثى دون الذكر والنموذج الكامن أو الفكرة العميقة لدلالة اسم الأنثى الامتلاء بالنضج التكويني النفسي واللين الجميل والسهولة في التعامل (أخذاً وعطاء/ نقاشاً وحواراً/ طلباً ونهياً) ويبدو أننا أمام تقلص واضح لذلك الامتلاء بسبب وتيرة العيش التي نحن نتردد فيها، وحيث إن الوعي في أحد تعاريفه المعرفة وتطبيقاتها فإنه من المطلوب من كل أنثى أن تعي أهمية الوعي بأنوثتها وتكويناتها أو أبعادها النفسية لتعيش هي أولا بمساحات السلام الخضراء وحدائقه الوافرة بعيدة عن الصراعات والتكوّنات السلبية التي من شأنها أن تقطع عليها سبل العيش الطيب، وثانيا أن يعيش زوجها وأسرتها بشكل كامل معها في تلك المساحات والحدائق المبهجة. إن من القسوة الحجرية التي تصيب الأنثى أن تفقد أو تجف لديها الأنوثة فتتحول من حيث تشعر أو لا تشعر إلى (لا أنثوية).
وأعتقد أننا نعيش في زمن تسارعت فيه وتيرة الضغوط فأصبحت الأنثى ما بين الدراسة والعمل والأولاد والزوج إنها رباعية تأخذ عليها الوقت كله وتلاحقها ليل نهار، ولاحظوا أننا استبعدنا حظها هي من هذه الرباعية ولو تأملنا في الأمر بهذه الطريقة لوصلنا إلى عمق يساعدنا في تفهم الأمر أكثر وأكثر: فاليوم كما هو معلوم أربع وعشرين ساعة وسنفترض أن ثماني ساعات تذهب للدراسة أو العمل وعشر ساعات تذهب ما بين نوم ومطبخ، وست ساعات غالبا ستذهب من نصيب الأولاد، والسؤال الآن: كم بقي من نصيب الزوج؟ ومن ثم يأتي من يسأل ويقول: أين اختفت أنوثة زوجتي؟ وثالث يقول: زوجتي متحولة وممارستها معي ذكورية!؟ وهنا يخلق في المنظومة الأسرية تحديا كبيرا لا بد أن تعيه الأنثى، فموافقة الزوج على عملها أو دراستها تعني شيئا واحدا بذل مزيد من الجهد من الفيض الأنثوي. إن الأنثى التي لا تملك هذا الخيار ولا تعي هذه الفكرة العميقة إنها تعرض نفسها وأسرتها لخلل وظيفي ولا بد؛ وإني أعتقد بعد ممارستي للاستشارات الأسرية عدة سنوات أن الخلل الذي يصيب الكثير من بيوتنا هو بسبب نضوب الفيض الأنثوي ذلك أنه عندما تنضب هذه العين العذبة تبدأ رحلة الجفاف فالتصادم مع الزوج على كل صغيرة وكبيرة ثم تعقبها مرحلة البحث عن عين أخرى أكثر فيضا، وهنا نكون أمام مشهدين الأول مشهد البحث عن صديقة بالهاتف أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعية الأخرى، والثاني مشهد الزواج من أخرى، وكذلك بحثا عن عين تملأ فراغ/جفاف الفيض عند الأولى ولذلك تحتل علاقات (الغزل) مرتبة متقدمة إن لم تكن الأولى من شكاوى المتزوجات ولنرتبط بمعادلة أخرى أو بنموذج آخر كامن من وراء مفهوم الزوجة الأنثوية وهو ما أشارت إليه الآية وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا فالسكن هو نموذج عميق في العلاقة الزوجية، فالزوجة تأتي ومعها برنامج السكن والسؤال الآن: ما الذي يدعم هذا البرنامج ليعمل بكفاءة؟ ومن الذي يعطله؟ وما أعتقده أن الأمر مرتبط بالفيض الأنثوي ولذلك نجد أننا أمام هذه الركيزة الكامنة لِتُحرك المشهد الأسري نحو التماسك (فيضي أنوثة تكوني سكنا) ومن كانت سكنا فلا تسأل عنها كيف ستكون ولا عن زوجها وأولادها كيف يكونون؟ وإني أوجه نداء عاجلا إلى وزير الشؤون الاجتماعية الجديد بأن تبدأ وزارتنا إستراتيجية (فيضي أنوثة) وبالتنسيق مع وزارة الإعلام ومع الجهاذات العلاقة ليتم طرح الموضوع بشكل أوسع وأعمق فإننا إذا ذهبنا إلى الأسر وتوجهنا إليها في بيوتها وقدمنا لهم البرامج المثمرة فإن ذلك سينعكس ولا شك على المجتمع ككل.
وأنت أيتها المرأة عندما تفيضين أنوثة ستكونين سكناً وعندما تكونين سكنا ستخلق لكما/بينكما المودة والرحمة قال تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .