عُرفت الإِشاعة على أنَّها نقل الأخبار الكاذبة من الإنسان، ووسائله الإعلاميَّة غير الرسميَّة. ففي الأزمنة القديمة قبل وجود وسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة، والمرئيَّة تُخلق الإِشاعة من شخصٍ داخل البلد يرويها على أشخاص في ديوانيات سمرهم، وأسواق بيعهم، ومشارق جلوسهم بخبره الكاذب الذي يُصدّقه السُّذج منهم، وينقلونه إلى الآخرين الذين قد يكونون أكثر سذاجة وفراغا ثقافيا، ويصل الخبر إلى أكثر عدد من أبناء البلد، وأكثر الأخبار التي تُشاع أن فلاناً قُتِلَ في غربته، أو سلب ماله، أو أُصيب بمرض، أو طلَّق زوجته، أو وقع في القليب، أو انهدم منزله، أو الغزو على أبواب أسوارهم، أو أسراب الجراد على رؤوس نخيلهم، أو مرض معد انتقل إليهم... وهذه من أكثر الإِشاعات الكاذبة التي عُرفت في الأزمنة القديمة.
أمَّا في الأزمنة التي نعيشها تكثر الإشاعات أثناء الحروب في البلدان المجاورة التي يخلق الأعداء فيها الأخبار الكاذبة أن الحرب وصلت إلى حدود بلدهم فيشعها الأعداء في الداخل، ويتقبّلها السُّذج الفارغي العقول، ويحدث الفزع لأبنائه لكي يستعدوا لمواجهة الحرب، كما حدث في حرب الخليج من إشاعات كاذبة أن آبار البترول سوف يضربها العدو ممّا زاد عند السُّذج شراء مشتقات البترول، والسرج، والحمير. كما تخلق الإشاعة عند حدوث مرض معد في البلدان المجاورة أنه انتقل إلى بلدهم، وأُصيب به أحد أبنائه ممّا يحدث الخوف، والفزع عند الآخرين الذي قد يتوهّم أكثرهم أنّه أُصيب به، ويستدعي الذهاب إلى أقرب مستشفى!.
ومن أكثر الإشاعات التي عاصرناها انتشاراً، وتلقياً، وتصديقاً إشاعة مكائن الخياطة التي جنّد السُّذج وسائلهم لبيع، وشراء المكائن بأسعار باهظة ممّا أحدث لأكثرهم خسارة لم يتوقعوها مثل توقعهم من ربح الأموال الطائلة التي يحصلون عليها من بيع المكائن القديمة بعد شرائها.
لذا من الأفضل لمن يتلقّى الأخبار ألا يتلقّاها إلاَّ من مصادرها الرسمية التي من أصدقها وسائل الإعلام المحليَّة من الواس، والإذاعة، والتلفزيون. ومن الجرائد، والمجلات، والنشرات الورقيَّة، والالكترونيَّة وهذه وسائل إعلاميَّة رسميَّة مسؤولة عن صدق الأخبار التي تنشرها.
كما أن على هذه الوسائل الإعلاميَّة سُرعة نفي الأخبار الكاذبة في وقتها قبل أن تصل إلى المتلقين، وتثقيف المواطنين؛ ليميّزوا الخبر الكاذب من الخبر الصادق في هذه الظروف التي تعيشها البلدان العربيَّة المجاورة من حروب؛ لأن التثقيف من أهم وسائل نفي الأخبار الكاذبة، وعدم تصديقها، وأن يحرص المسؤولون في وزارة الثقافة والإعلام على معاقبة نشر الإشاعة، ومصادرة وسائل نشرها، وإغلاقها؛ لما تحدثه من آثارٍ ضارة في البلد الذي نُشرت فيه.
بريدة - نادي القصيم الأدبي