إعداد - تركي إبراهيم الماضي:
المؤلف: حيدر إبراهيم علي، ميلاد حنا
الناشر: دار الفكر المعاصر؛ دمشق؛2014
أثار المؤلف عدة محاور منهجية وتاريخية في دراسة وتتبع مسألة الأقليات وانعكاساتها الكبيرة على سلم المجتمعات وتعايشها واستقرارها.
وقد برزت مشكلة الأقليات واقعياً في كثير من المجتمعات بالذات الدول حديثة الاستقلال، لأنها مرتبطة بالوحدة الوطنية وكيان الدولة الجديدة المتماسكة وبقضايا التنمية والتطور الاقتصادي. كما أن هذه المشكلة تخفي داخلها صراعات حقيقية أخرى مثل الصراعات الطبقية والاجتماعية - الاقتصادية المختلفة والتي تظهر كصراعات عرقية أو إثنية.
و»في الوطن العربي يكاد موضوع الأقليات أن يكون من محرمات الكتابة والبحث، أو على الأقل يفضل أن يكون من المسكوت عنه. إذ لا تعدُّ معالجة هذا الموضوع من النشاطات الفكرية البريئة، فهي غالباً ما تثير الريبة والشك وتذهب بالظنون بعيداً خاصة إذا كانت الأجواء السياسية غير عادية. ولأننا لم نتعرض لمسألة الأقليات، كان من الطبيعي أن يأتي الاهتمام من قبل باحثين أجانب، مما يجعل القضية لا تخلو من شبهة تآمر أو نيات سيئة.
ورغم أن الوطن العربي شهد حروباً طائفية وإثنية استمر خلالها الاقتتال لسنوات طويلة، كما حدث في لبنان والسودان. وهي أمثلة لصراع ظاهر وعنيف. ولكن الكثير من الدول العربية يمور داخلها صراع أقليات كامن وناعم لم ينفجر بعد. في أزمة الأقليات؛ تعددت المداخل والمعالجات حسب تكوين الباحثين العلمي وإيديولوجياتهم والأهداف العملية، ولكن يمكن أن نحصر الاتجاهات والمناهج في مدخلين كبيرين -لأسباب إجرائية - ثم تتنوع داخلها طرائق وزوايا تناول الموضوع:
1- المدخل الأنثروبولوجي الذي يهتم بمفهوم العرق (Race) والمجموعات الإثنية (Ethnic Groups) أي التركيز على التماثلات الثقافية، وتاريخ الأعراق الرئيسة والسلالات، وهذا المدخل قد تنجم عنه نظريات وتسويغات عنصرية مختلفة.
2- المدخل الاجتماعي الذي يعالج العلاقات العرقية ووضعية الأقلية تجاه الأغلبية والتعصب والتحيز العنصري وأشكال الصراع وسبل حل المشكلة مثل: الدمج والتذويب والتعددية والانفصالية والصدامية ثم أنواع الأقليات، كذلك السلوك الجمعي في الجماعات متداخلة العلاقات.
وتسعى هذه الدراسة للمساهمة في طرح سؤال الأقليات بتتبع المفهوم والمعاني والمصطلحات المتشابهة أو المتقاطعة التي تساعد في فهم وإدراك الظاهرة. ثم الرصد التاريخي بحثاً عن صلة الماضي في تشكيل حاضر وواقع الأقليات بالإضافة لتكوين النظرة والوعي بالأقليات.
كما حاولت الدراسة أن تُعّمق فهم ظاهرة الأقليات من خلال التاريخ وعلم النفس والاجتماع، إلى جانب تلك العوامل الدفينة التي تقف وراء الدوافع للتفرقة أو التمييز، والدوافع التي تجعل المجموعات تصل حد القتال ومحاولة القضاء على الآخر».
كل ما تقدم يجري بحثه عبر حوار عن أزمة الأقليات بين مفكريْن كبيرين يعيشانها ويعانيانها: مصري من الأقباط يكشف عن منابعها ودخائلها، وسوداني يكتوي بلده بنارها.