شهدت المملكة تطوراً ملحوظاً في مجموع القرارات التي أُصدرت مؤخراً فيما يخص الأنظمة العقارية، كان أبرزها نظام الرهن العقاري الذي يفترض أن يعد أحد أوجه التمويل العقاري، تتم بموجبه العملية التمويلية للعقار التي تمنحها الشركات والبنوك المرخصة، ويتوقع منها فتح أبواب واسعة لشريحة كبيرة من المواطنين لتملك المنازل.
إن التوجه نحو العلاقة السليمة المعتمدة في كثير من أسواق العالم، وهو زيادة المعروض العقاري الحكومي القابل للتخطيط والتطوير من قِبل شركات التطوير العقاري، يوضح قدرة الرهن العقاري في زيادة القدرة الائتمانية من خلال التدفقات النقدية المستقبلية على سد الفجوة في السوق؛ وبالتالي تنعكس إيجاباً على أسعار المنتجات العقارية؛ ما يصب في النهاية في مصلحة المواطن، ويعزز مبدأ الإسكان على الفئات الاجتماعية كافة.
إلا أن ما تم تحديده من نسبة القرض 70 % في الإطار التنظيمي للرهن العقاري، الذي يلزم المقترض بدفع 30 % من قيمة العقار، كان قاسياً على المقترض، وصعّب من الطلب على الرهن العقاري، كما أثر سلباً في المواطنين ذوي الدخل المحدود والمتوسط، بالأخص فئة الشباب؛ إذ لجأ كثيرون منهم إلى الإيجار بعد أن كانوا يسعون إلى التملك.
ولم ينحصر الضرر على الأفراد، بل كان للمصارف أيضاً حصة من هذه الخسارة بنسبة كبيرة من عملائها متوسطي الدخل الذين يسعون للحصول على قروض عقارية؛ إذ تشير بعض التقديرات إلى أن نسبة التدني في الطلب عند المصارف وصلت إلى 90 % من الفئة المذكورة، فيما كان ما يقرض إلى أصحاب الدخل العالي 70 %، إلا أن المصارف لديها منتجات أخرى تعتمد عليها في تعويض هذه الخسارة.
أما الخاسر الأكبر في هذا الجانب فهو شركات الرهن العقاري التي تعتمد بشكل أساسي وحصري على القروض والرهون العقارية. من هنا تأتي أهمية مراجعة تأثيرات هذا القرار على السوق، وتحليل البيانات، والتقييم من قِبل الجهات ذات الصلة.
إن توفير بيئة استثمارية مناسبة لأطراف الرهن العقاري، التي تتمثل في (طالب السكن ومؤسسات التمويل والمطور العقاري) أساسٌ في نجاحه، ويجب دراسة هذا الجانب بدقة؛ لأن توفير التسهيلات الائتمانية التي تقدمها المؤسسات المالية والإقراضية سيحقق زيادة في الطلب على الوحدات السكنية، أي توفير المساكن لطالبيها. والتجربة التي عاشها النظام سابقاً بنسبة اقتراض 90 % لم يحدث منها أي مؤشر سلبي، ويجب أن يتم النظر إليها، وخصوصاً في حال تأخر موقف مؤسسة النقد بمعالجة هذه المشكلة مع طول الدورة الإنشائية للمساكن الجديدة؛ ما سيسبب أزمة إسكانية عام 2016 - 2017، سيكون من الصعب حلّها.
- ماجد الحقيل