في غضون أكثر من 40 سنة منذ إلقاء الضوء في يوم الأرض الأول على أهمية توعية الجمهور عن حماية التلوث.
وأصبح هواؤنا ومياهنا وأرضنا أكثر نظافة رغم نمو السكان المتزايد وزيادة النشاط الاقتصادي ومستوى المعيشة المرتفع.
فقد أظهرت المصادر الجديدة وغير الظاهرة للتلوث مثل التلوث المنتشر والمصدر، والهطول الحمضي وسميات الهواء، والطرق الأفضل للكشف، أن التلوث أصبح أكثر انتشارا مما نعتقد.
فضلاً عن أن الاهتمام بالمشكلات البيئية الكونية الجديدة وتأثيراتها الممكنة مثل استنزاف أوزون طبقة الاستراتوسفير والتدفئة الكونية، أخذ في الازدياد والانتشار.
والمشكلة فإن أياً من هذه الأنواع من التلوث لا يخضع لبرامج الرقابة التقليدية على التلوث.
يقول نرافس واجنر في كتابه (دليل لفهم التلوث وآثاره) ينبغي تطوير إستراتيجية جديدة لمجابهة مشكلات التلوث في التسعينات إستراتيجية تركز على منع التلوث قبل تولده.
ويبدو أن منع التلوث بمثابة أكثر سبل مكافحة التلوث فاعلية من الناحيتين الاقتصادية والبيئية.
بيد أن التلوث ينشأ في أغلب الأحيان من جراء أن شركة ما لم تستثمر ما يكفي من جهد في تطوير برنامج يقضي على أو يقلل من هذه المشكلات وعلى الرغم من أن القضاء التام على التلوث كما نعلم مستحيل واقعيا، فإنه يمكن تحقيق تخفيضات، فضلا عن الحفاظ على الموارد.
وينفرد منع التلوث في أنه يجعل حماية البيئة تتوافق مع الفاعلية الاقتصادية.
ويمكن لمنع التلوث أن يقلل من تكاليف المعالجة والنقل وإدارة التلوث ويخفض الحاجة إلى مواد خام وكيماويات، ويزيد من فاعلية الطاقة، وتحسين كفاءة الإنتاج.
ومن ثم، فينبغي أن يعي الجمهور أن التلوث لا يرتبط فقط بالصناعة، فالمستويات المادية المتعاظمة للمعيشة التي تتطلب موارد وطاقة تعتبر مصدراً ملوثاً للبيئة، من الأفضل أن يتحاشاه الناس أو يقللوا من مستوياته.
فإذا كان من المهام الرئيسة للصناعة أن تلبي احتياجات المستهلك، فإنها مطالبة بأقل استهلاك ممكن للموارد وبأقل تهديد للبيئة.
كما تقع المسؤولية الحقيقية لحماية البيئة على عاتق كل مستهلك.
والسؤال المهم: هل هناك نظام اقتصادي يتضمن الحفاظ على نوعية البيئة ويسمح في ذات الوقت باقتصاد سوق عادل؟!
عبر العقدين الماضيين تزايد الاهتمام بمفهوم حالة الاقتصاد المستقر ويقصد به اقتصاد يحتفظ فيه بعدد سكان وكمية بضائع عند مستوى ثابت ويكون مستداماً بيئياً عبر الزمن.
وفي الواقع، تهيئ حالة الاقتصاد المستقر نوعية جيدة للحياة، حياة لا تستند بالضرورة إلى السلع المادية فقط.
وللأسف فإن البناء الحالي لاقتصادنا يعتبر بمثابة اقتصاد باهظ الإهدار نتيجة الاعتماد على الاستهلاك، ذلك لأننا نستهلك ونهدر ونفعل ذلك دون أن نلقي بالاً بالقيود المفروضة على بيئتنا ومواردها.
ومن ثم فإن التحكم في التلوث من خلال القوة الاقتصادية مثل منع التلوث هو الخطوة الأولى المهمة لتحقيق حالة الاقتصاد المستقر.
ونظراً لأن الكثير من الصناعات تؤمن بمنع التلوث فلم يعد التقدم نحو حالة الاقتصاد المستقر حلما صعب المنال.
بيد أن النجاح والتحكم في التلوث بفعالية يقع على عاتق جمهور الناس أولا، ثم الدولة وأنظمتها وإداراتها.
ويمكن فقط عن طريق تغيير عادات الاستهلاك أن نضع أساسا للعمل للوصول إلى الاقتصاد المستقر، دون إهمال الإصلاحات الاقتصادية الحكومية.
ومما يبشر بمستقبل زاهر أن بدا بعض المستهلكين في الاقتناع بأن منع التلوث يكون بشراء مطهرات مركزة ومنتجات خالية من الصبغات ومصابيح إضاءة ذات طاقة فعالة وبطاريات خالية من الزئبق.
وإذا لم يكن هذا الاتجاه مجرد تقليعة وبدعة بل تغير حقيقي في سلوكيات المستهلك، فسيكون في متناولنا، إحداث تحسينات حقيقية في بيئة الكرة الأرضية.
أخيرا أقول إن البيئة من حولنا جميلة فلنحافظ على بيئتنا نظيفة جميلة سليمة دون ملوثات وتصحر وتدمير.
آمل أن تكون الاستجابة من أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة فاعلة وإيجابية، لبيئة صحية خضراء، وللتمتع بحياة رغدة وكريمة.
- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية