يسبب التدخين الموت والمعاناة للبالغين أكثر من أي مواد سامة أخرى في البيئة، هذا معروف منذ زمن بعيد.
يقول وليم تشاندلر: من المعروف أنه حتى الآن لم تتخذ أية دولة خطوات فعَّالة ضد التدخين تتناسب وحجم الضرر الذي يسببه.
واستخدام (التَّبْغ) في مختلف أنحاء العالم زاد خلال العقدين الأخيرين ما يقارب الـ75%.
إن حماية غير المدخنين من دخان السجائر يتطلب تغيُّرًا ملحوظًا في تعامل المجتمع مع التدخين، وهذا يساعد -أيضًا- في تخفيف ضرره المباشر على المدخنين أنفسهم.
وقد وصلت الخسائر في الأرواح في العالم بسبب التدخين إلى 2.5 مليون نسمة سنويًّا، والتدخين يقتل شخصًا في أنحاء العالم كل 13 ثانية، ومع ذلك فالبشرية تستهلك من هذا السم الفتَّاك ما قيمته 100 مليار دولار سنويًّا.
وكشفت إحصائية علمية أن تَكْلفة إعلانات التبغ في العالم بلغت في عام واحد نحو 3 مليارات دولار.
في حين أوضح تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية أن 50 مليون دولار تكفي لتطعيم خمسة ملايين طفل في العالم الثالث، يموتون سنويًّا لعدم توافر تطعيمات ضد شلل الأطفال والسعال والدفتريا.
وإذا كانت البلاد الصناعية تعاني مشكلات ضخمة من جرَّاء استخدام التبغ، مع ما لديها من إمكانات كبيرة، فإن معاناة العالم الثالث الفقير المصاب أغلب سكانه بالمسغبة والأمراض المتوطِّنة، هي بدون شك أكبر مما تعانيه الدول الصناعية.
ذكرت الجمعية الأمريكية لمكافحة السرطان أن السجائر مسؤولة عن 83% من حالات الإصابة بسرطان الرئة، وأن 90% من الأشخاص المصابين بسرطان الرئة يموتون متأثرين بمرضهم في غضون خمس سنوات، ومن ثَمَّ طالبت الجمعية بالحظر الشامل للدعاية والإعلان عن السجائر.
إن التدخين وباء يزداد بنسبة 2.1% سنويًّا، وهذه النسبة أكثر من نسبة تزايد السكان في العالم.
ومن الجدير بالذكر أن ما يُقارب الـ2.5 مليون مدخن يتوفى سنويًّا؛ نتيجة الإصابة بأمراض القلب، وسرطان الرئة؛ لإدمانهم على التدخين.
إن سرطان الرئة وباء ناتج عن التدخين، فعادة التدخين بشراهة تؤدي إلى الإصابة بهذا السرطان بنسبة 85%.
ويسبب التدخين حالتين خطيرتين من أمراض الرئة؛ هما: التهاب القصبات الهوائية، وانتفاخ الرئة، فالتدخين يقتل نحو 52.000 شخص سنويًّا من أثر أمراض انسداد الرئة المزمن.
وما يؤكد ما سبق ما جاء في دراسة ميدانية أُجْريت في مصر بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أن وفيات التدخين بلغت في مصر 449 حالة موت بسرطان الرئة، و7939 حالة لالتهاب الشعب الهوائية المزمن، و6249 حالة ذبحة صدرية.
ومن المتفق عليه بين الأوساط العلمية والطبية أن 90% من نسبة الإصابة بسرطان الرئة ترجع إلى التدخين، و75% من التهاب الشعب الهوائية المزمن، و25% من حالات الذبحة الصدرية.
يقول دكتور محمد البار في كتابه التجارة الخاسرة: إن سرطان الرئة ازداد زيادة كبيرة في مصر، وصار السرطان الثاني في نسبة الحدوث بعد سرطان المثانة الناتج عن البلهارسيا والتدخين، مما جعل مصر ذات الرقم الأعلى في العالم في حدوث سرطان الرئة والمثانة.
إن حساب الخسائر أمر معقَّد، وغير موجود بالنسبة لمعظم دول العالم الثالث، كم هي الوفيات الناتجة عن التدخين؟ كم هو ثمن التبغ المستهلك؟ كم هي الحرائق الناتجة عن التدخين؟ كم هي تكاليف الرعاية الصحية لأمراض ناتجة عن التدخين؟ كم هي أيام الغياب عن العمل سنويًّا بسبب التدخين؟ وكم هو الفاقد الاقتصادي؟! إن جامعاتنا ومراكز البحث مطالبة بأن تنزل إلى الميدان، وتوضح لنا بالأرقام هذه الخسائر المهولة؛ على المستوى الصحي، والاجتماعي، والاقتصادي.
إن المملكة العربية السعودية التي كانت رائدة في محاربة التدخين والتبغ منذ نشأة الدولة السعودية الأولى مدعوة، ودول الخليج إلى تكثيف الحملات ضد التدخين، ومنع الإعلان عن السجائر منعًا باتًّا.
كما ينبغي أن يمنع التدخين في أماكن العمل والدوائر الحكومية، والأسواق والمدارس، والجامعات والمستشفيات والمطارات، وعلى الخطوط السعودية، مع توعية أفراد المجتمع بالأضرار الاقتصادية والصحية للتدخين؛ من أجل حياة صحية سليمة.
- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية