صدر مؤخرا كتاب (عبدالعزيز بن عبدالله الموسى: أبو المساكين) في طبعته الأولى لهذا العام. ويرصد الكتاب الذي قام بجمعه وإعداده موسى بن عبدالعزيز الموسى، سيرة رجل الأعمال المعروف، منذ بداياته الأولى وحتى وفاته.
ويوضح المؤلف في المقدمة سبب ظهور هذا الكتاب فيقول:
(وقد سعيت جاهدا في إخراج هذا الكتاب أثناء حياة الوالد- رحمه الله-، والذي كان يرفض بشدة أن نكتب عنه شيئا في حياته، سواء على مستوى سيرته الخاصة، ونجاحاته التجارية، أو عن أعماله الخيرية ونفعه للناس، وكان يقول: «أما الاعمال الخيرية، فهذه لله، وأرجو ثوابها من الله، ولا أريد أن يعرفها أحد، وأما سيرتي الشخصية، فمن أنا حتى يكتب عني كتاب، أو تظهر سيرتي للإعلام». وما زلت أعمل على إقناعه قائلا له: «سيرتك هذه ستكون نبراسا لجيل الشباب الحالي، الذي يبحث عن قدوة له في النجاح، مع التمسك بالقيم والأخلاق والتدين، والبعد عن الطمع والانانية والجشع، فيتعلمون منها، ويمشون على طريقتها». فقال لي بالحرف الواحد: «إن كان في هذا العمل مصلحة للإسلام والمسلمين، ومصلحة للشباب، ويستفيدون منه، فما عندي مانع»).
ويوضح المؤلف أن هذا الكتاب لا يغطي إلا جزءا يسيرا من سيرة الراحل حيث يكمل في المقدمة: (ولم يكن مقصودي في هذا الكتاب أن أستوفي كل ما أعرفه من سيرة والدي- رحمه الله- ولا أن أدون فيه جميع ما وقع لي من أخباره ومآثره وقصصه في التجارة والأمانة والسماحة والعمل الخيري، فإن هذا يحتاج - دون مبالغة - إلى مجلدات، لكني حرصت على أن أطلع القراء الكرام على جوانب وافية من شخصية الوالد- رحمه الله-، سواء على صعيد حياته المهنية والتجارية، أو في أخلاقه وتعاملاته مع الناس، أو في أعمال البر والإحسان ونفع المحتاجين والوقوف مع المساكين، على نحو ما ستقف عليه أيها القارئ الكريم في مسرد هذه السيرة إن شاء الله).
ويختتم المؤلف المقدمة بالاشارة إلى: (أن هذا الكتاب سيكون إن شاء الله فاتحة لكتب أخرى عن سيرة الوالد رحمه الله بعضها أدبي، والبعض الآخر في مجالات أخرى، وستصدر إن شاء الله بلغات أخرى، وذلك حتى تصل سيرته إلى أكبر شريحة ممكنة، إذ أن مقصودي من جمع هذه المادة، ونشر هذه السيرة، أن يقتدي به الناس، ويهتدوا بطريقته في التعامل وفي مكارم الأخلاق، وأن تبقى سيرته طوافة في المجتمع، حاضرة فيه، فقد كان الوالد- رحمه الله- مدرسة في ذلك، بشهادة جميع من يعرفه).
(لماذا نكتب سيرته؟)
وفي الفصل الأول من هذا الكناب، يعرض بعض الآراء عن الراحل، حيث نقرأ مقولة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز: (لو كان عندي رجال من أمثال الشيخ عبدالعزيز الموسى، ما كنت في حاجة إلى المحاكم مطلقا). ويعرض رأيا آخر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز: (على امتداد بقائي أميرا على منطقة الرياض، لم تبلغني أي شكوى ضد الشيخ عبدالعزيز الموسى، أو تذمر منه أحد، أو ادعى أحد أنه اعتدى على حقه، مع أن الأمور العقارية والأراضي كثيرا ما تكون محل تشاكٍ واختلاف، فما جاءني أحد يشتكي منه مطلقا في معاملة، أو في بيع وشراء، أو في حقوق مالية وغيرها). كما يورد رأيا لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني: (الشيخ عبدالعزيز الموسى رحمه الله فقيد للجميع، وصاحب سيرة عطرة، ومشهود له بالخير والصلاح، وأعماله الخيرية لا تعد ولا تحصى بالدرجة الأولى، وهذه نعمة من الله أن يكون في هذا الوطن مواطنون يعملون في البحث عن الخير، وتلمس احتياجات الناس من أموالهم وصدقاتهم).
(نشأة البير الأولى)
ويعرض المؤلف سيرة الراحل في طفولته وبداياته الأولى في العمل في مسقط رأسه بلدة «البير» حيث يوضح: (والدا أبي لم يكونا من أهل الثراء والمال، ولا من أرباب المناصب. لقد كانا من أغمار الخلق الذين دثرهم الحرمان وآواهم إلى ركن عصيب، فلم تنبسط الدنيا في أيديهم أو تجري عليهم ثرواتها، هم للفقر يومئذ أقرب منهم للكفاف، حالهم في ذلك حال عموم البلاد في نجد، فلم تستفق المملكة بعد على مواردها وثرواتها التي كانت حبيسة في باطن الأرض حيث أودعها الله هناك، ولم يكتنز ثروات المال إلا قلة قليلة يعقد عددهم بالأصابع من ملاك المزارع وأصحاب العقارات الكثيرة).
ويشير المؤلف إلى أن الراحل بدأ نشاطه المهني في طفولته بالعمل في بلدته «البير» وهو في نحو العاشرة من عمره تقريبا، فعمل صبيا في احدى مزارعها، ليستقبل بذلك حياة الكد والجد، وظل على حاله هذه مدة موسم كامل.
ولأن «البير» بلدة صغيرة، وخيارات العمل فيها قليلة، ناهيك عن مرحلة الجفاف والقحط التي أثرت سلبا على المزارع، فقرر حينها الراحل أن يترك بلدته ويغادرها متجها إلى الرياض طلبا للرزق وإعانة لأهله، وبحثا عن فرص أفضل للمعيشة.
(الرحلة إلى الرياض وخطوات الكدح)
وفي هذا الفصل يسرد المؤلف رحلة الراحل في البحث عن العمل في العاصمة حيث ينقل عن الراحل قوله عن هذه الفترة: (لم أكن أعرف يوما سلوك الطريق المختصر للوصول إلى هدفي وغايتي، إنما كنت أبذل غاية وسعي وجهدي بالاعتماد على نفسي والتعلم مما أقع فيه من الخطأ فأصححه وأتلافاه حتى أصل إلى المبتغى. لقد بدأت العمل في البناء بأجرة «نصف ريال» في اليوم وتحاملت على نفسي فصابرت وكابدت حتى أتعلم هذه الصنعة المرهقة، حيث كان يأتي إلينا الشخص طامحا في العمل معنا ثم لا يمكث إلا يسيرا فيهرب من شدة ما يقاسيه من المشقة مع زهادة الأجر المبذول في مقابل ذلك).
وينقل عن الراحل قوله: (ثم تنقلت في مراحل العمل، من عامل عادي في البناء، إلى أن وصلت إلى «ستاد» بناء، ثم تعاطيت التجارة في البيوت الشعبية، والتي كان عليها الطلب، وبيوت الطين، ثم بدأت عملي في مجال العقار).
(عبدالعزيز الموسى شيخا للأراضي)
ويستفتح المؤلف هذا الفصل بالاشارة إلى أن الملك فهد- رحمه الله- يحب الراحل ويقدره، ويعلم رجاحة عقله، وطيبة قلبه وصدق وفائه واخلاصه لوطنه. والعلاقة بينهما قديمة منذ كان وزيرا للداخلية، ثم ولايته للعهد في زمن الملك خالد رحمه الله، وتوثقت وامتدت بتولي الملك فهد رحمه الله مقاليد الحكم في المملكة، وفي جميع هذه المراحل كان الراحل شيخ الأراضي وعميد العقاريين، وممن ترجع إليهم الدولة في تثمين الأراضي وتحيل إليهم أمرها.
ويروي المؤلف سيرة الراحل في تجارة العقار، ويشير إلى أن الراحل لما توسع في عمله في العقار، صار يتيح المشاركة لغير شركائه، ممن يعرفهم ويثق فيهم. وكان لذوي الدخل المحدود والأرامل والمحتاجين والأيتام حصة كبيرة من المساهمات، ويؤكد المؤلف بالقول: (كان إذا جاؤوا إلى الوالد رحمه الله، وطلبوا منه المساهمة معه، فإنه يدخلهم معه مباشرة، ويعطيهم الحصص التي يريدون، حتى يحصل لهم الربح والمنفعة، ويصيبه كذلك أجر معاونتهم).
(تقوى الله وحسن الخلق)
وينقل المؤلف في هذا الفصل عن د. سلمان بن فهد العودة قوله: (إن الشيخ عبدالعزيز الموسى- رحمه الله- بأخلاقه وتعامله قدوة حسنة لعامة التجار، لأنه تاجر معروف ممارس، لم يكن من العلماء مثلا أو المتحدثين، إنما ميدانه التجارة، وهذا الميدان أخفق فيه الكثيرون ممن قد يكون ظاهرهم الخير، لكنهم إن ابتلاهم الله ودخلوا في الدنيا والمال، تغيرت نظرتهم وانشغلوا، وأصبح الناس ربما يستغربون بعض تصرفاتهم. بينما الشيخ عبدالعزيز الموسى مع كونه من عامة المسلمين، إلا أن تعامله مع الناس كان تعاملا راقيا وناضجا، فهو أمين، وصدوق، ويحب الخير لهم، ويفرح بأن يربحوا، ويساعدهم ويأخذ بأيديهم).
(خيركم خيركم لأهله)
ويصدر في هذا الفصل كلمة الشيخ محمد العثمان الرشيد التي يقول فيها: (تعجبني في الشيخ عبدالعزيز الموسى وأخيه سعد رحمهما الله منذ عرفتهما صفة الحلم، لا يتملكهما الغضب بسرعة، بل يمتازان بالهدوء والروية وسعة الصدر والبال، والدنيا لا تعدل عندهما شيئا، رزقهما الله بالقناعة بالقليل، وجاءهما الكثير ولم يتغير واحد منهما، ومع الأيام زادت الرابطة والعلاقة بينهما إلى درجة الندرة، والشيخ عبدالعزيز لا يرى أخاه سعدا إلا بمثابة الأب).
(في ظلال الصدقة)
ويبين المؤلف في هذا الفصل أعمال الراحل في البر ومشاريعه الخيرية بالإضافة الى المشاريع الاغاثية والدعوية، ويوضح المؤلف إلى أن الراحل (المليون والريال عنده سواء، إذا كان الأمر يتعلق بالصدقة والبر).
(لقاء الله)
ويفرد المؤلف في هذا الفصل معاناة الراحل في أواخر حياته ومتاعبه الصحية وإصابته بمرض نادر، حتى توفي يوم الخميس 12/3/1434هـ.
(شهداء الله في أرضه)
ويرصد المؤلف شهادات من فئات مختلفة من المجتمع عن الراحل وإسهاماته واعماله التجارية والخيرية وعلاقاته الاجتماعية مع كثير من افراد المجتمع.
(بوح الضوء)
ويختتم الكتاب بعرض صور نادرة، تغطي مراحل هامة في مسيرة الشيخ عبدالعزيز الموسى رحمه الله.