أسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- هذا البنيان متماسك الأركان لا تهزه الرياح، هذا البنيان يعتمد على الله سبحانه وتعالى، ثم على التمسك بالعقيدة الإسلامية وتحكيم شريعة الله تعالى، سار على نهجه من بعده أبناؤه الميامين، كلما غاب سيد قام سيد.
هنيئاً لنا بخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز بتوليه الحكم بعد أخيه عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، فما هو إلا أحد خريجي مدرسة المؤسس -رحمه الله-، مارس العمل السياسي، شارك في اتخاذ القرارات والاستقرار الذي نعيشه الآن في المملكة العربية السعودية منذ عهد إخوانه -رحمهم الله- الملك سعود بن عبدالعزيز، والملك فيصل بن عبدالعزيز، والملك خالد بن عبدالعزيز، وخادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز، وخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز.
خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ذو فطنة وذكاء وبُعد نظر لما يحاك حولنا في الداخل والخارج، دقيق الملاحظة، موسوعة في التاريخ، وخاصة تاريخ المملكة العربية السعودية، استفاد منه كثير من الباحثين، كما أنه مطلع ومتابع لما يُكتب، فكم قرأنا ملاحظاته وإضافاته على ما يكتب عن هذا التاريخ، ملم بكل نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ذو حزم وعزم، شديد في موقف الشدة، رحيم في موقف الرحمة، وإضافة إلى مسؤولياته الجسيمة رأس عددا من الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية المتعددة الأغراض، يهتم بالفقراء والمساكين وذوي الحاجات الخاصة، قام بإعداد المساكن الخيرية وبذل الجهد والمال لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، هذه الأرصدة من الخبرة والقدرة وبُعد النظر تجلت في صدور قرارات تنظيم الولاية من تعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد، في وقت وجيز بسلاسة ومرونة لاقت ارتياحا وتأييدا من جميع فئات الشعب، مما أذهل كثيرا من الحكومات والشعوب في الخارج، أصدر أربعة وثلاثين أمرا وقرارا ملكيا ساميا خلال خمسة أيام من تولي الحكم، لم تترك شاردة ولا واردة يتطلع إليها المواطن إلا شملتها، ولم يسبق أن صدر مثل هذا الكم من الأوامر دفعة واحدة.
ويلاحظ أن تشكيل مجلس الوزراء جمع بين جيلي الشيوخ والشباب، وبين خبرتين القطاع الحكومي والخاص، وهذا يحدث لأول مرة، ولم يصدر ذلك عفوياً إنما صدر من نظرة ثاقبة رسمت ما تتطلبه المرحلة المقبلة من إنجازات سيقطف ثمارها الوطن والمواطن -إن شاء الله-، مثل هذه القرارات لم تصدر إلا من حاكم متمرس في الحكم، قادر على القيام بمهمته السامية، ومع ذلك يقدم اعتذاره للشعب حيث يقول: «أيها الشعب إنكم تستحقون أكثر، ومهما قلت لكم لن أوفيكم حقكم، أسأل الله أن يعينني وإياكم على خدمة الدين والوطن ولا تنسوني من دعائكم».
لن ننساك.. كل مواطن يلهث لك بالدعاء، كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، بأن يمدك الله بعونه وتوفيقه، وأن يحفظك من كل سوء، وأن يجعل ما قدمته لوطنك وشعبك في ميزان حسناتك.
إذا تحدث خادم الحرمين الشريفين أو ارتجل شد انتباه الحاضرين لفصاحة بيانه واحتوائه للموضوع الذي سيتحدث عنه، فكلمته -حفظه الله- أثناء استقباله ضيوف المؤتمر العالمي في اجتماعه بعنوان «الإسلام وممارسة الإرهاب» الذي اختتم أعماله بمقر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وما تضمنته هذه الكلمة من معان ومضامين دليل على ذلك، حيث بيّن منهج وسياسة المملكة العربية السعودية التمسك بالعقيدة الإسلامية وتحكيم شريعة الله منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، وأن الله قد شرّفهم بخدمة الحرمين الشريفين، حيث اختار ملوكها مخاطبتهم بخادم الحرمين الشريفين، كما بيّن -حفظه الله- بعض المنتسبين للإسلام من تشدد يسيء للإسلام والإسلام منه براء، وأن الأخذ بمنهج الوسطية هو الاعتدال - كلمة عالم أمام علماء.
ولقد أشاد كثير من الوفود بكلمة خادم الحرمين الشريفين وموقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب وما تقدمه المملكة من برامج المناصحة التي استفاد منها كثير من المغرر بهم، وستقفز المملكة -إن شاء الله- في هذا العهد الميمون قفزات في جميع المجالات في الداخل والخارج.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، أدام الله على المملكة أمنها وسلامتها واستقرارها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
- علي بن عبدالعزيز بن محمود