في اليوم الخامس من شهر شوال عام 1319 هـ الموافق الخامس عشر من شهر يناير 1902 م تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله من استرداد الرياض لكي يبدأ صفحة جديدة من صفحات تاريخ الدولة السعودية، ويعد هذا الحدث التاريخي نقطة تحول كبيرة في تاريخ المنطقة نظرا لما أدى إليه من قيام دولة سعودية حديثة، ولم يصل إلى ما أراده بيسر؛ إذ بذل الملك عبدالعزيز جهوداً عظيمة في توحيد المملكة العربية السعودية، وانتشال مجتمعها المتعدِّد والمترامي الأطراف مما كان فيه من انقسامات وخلافات وعداوات وحروب، إلى مجتمعِ الأخوة والتراحم والتعاطف.
وحين وحد هذه البلاد حرص كل الحرص على أن يكون دستورها كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو ما اهتم رحمه الله ببيانه دائما إذ يقول عندما أراد دخول مكة المكرمة سنة 1343هـ: «إني مسافر إلى مكة لا للتسلط عليها؛ بل لرفع المظالم والمغارم التي أرهقت كاهل عباد الله إني مسافر إلى حرم الله لبسط أحكام الشريعة وتأييدها فلن يكون هناك سلطان إلا للشرع»
ويقول - رحمه الله - في موضعٍ آخر، موصياً العلماء والقضاة بتطبيق الشريعة، وإقامتها وتحكيمها بين الناس: «إن كتاب الله - تعالى - ديننا ومرجعنا، وسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلنا، وفيها كل ما نحتاجه من خيرٍ ورشاد، ونحن من جانبنا سنحرص - إن شاء الله - كل الحرص على إقامته، وإتباعه، وتحكيمه في كُلِّ أمر من الأمور».
وقال رحمه الله مخاطباً الناس في المدينة المنورة: «وإن خطتي التي سرت ولا أزال أسير عليها، هي إقامة الشريعة السمحة».
وفي جهاد الملك عبدالعزيز لتوحيد أراضي الجزيرة العربية وإقامة التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة لم يفت في عضده ورجاله المخلصين قلة العدد والعدة فانطلقوا بذلك الإيمان الصادق في جهاده حتى جمع الله به الصفوف وأرسى دعائم الحق والعدل والأمن والأمان، وتفيأ المواطن الأمن والأمان وكذا الحاج والمعتمر وزائر مسجد الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصبحت السبل إلى الحرمين الشريفين آمنة ميسرة بغية خدمة دين الله وخدمة المسلمين كافة، ومثلما أرسى -رحمه الله- دعائم الحكم داخل بلاده على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فقد اعتمد النهج نفسه في علاقات المملكة وسياساتها الخارجية.
د.نادية النفيسة - وكيلة الشئون التعليمية للمبنى324