الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تتشرف الجامعة خلال الأيام القادمة بتنظيم (المؤتمر الدولي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود) - رحمه الله - برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
ويأتي تنظيم الجامعة لهذا المؤتمر المهم انعكاساً لما تلقاه هذه الشخصية العالمية الفذة، شخصية مؤسس المملكة العربية السعودية من اهتمام متواصل من قبل الباحثين والمؤرخين على مستوى العالم، واستمراراً للحراك العلمي والثقافي الكبير الذي توليه الجامعة لمجالات المعرفة كافة، خاصة ما يتعلق بتاريخ الوطن بشكل عام، وتاريخ المؤسس - يرحمه الله - بشكل خاص. كما أن هذا المؤتمر يأتي امتداداً للمؤتمر الأول لتاريخ الملك عبدالعزيز الذي عقد في الجامعة عام 1406هـ، وما طرح فيه من بحوث رصينة، ونقاشات ثرية، تناولت جوانب من شخصية المؤسس - رحمه الله - وأظهرت الحاجة المتجددة لمزيد من البحوث لإلقاء الضوء على جوانب أخرى من شخصيته الفذة في إدارة الدولة وعن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية المصاحبة لتأسيس الدولة الفتية.
إن الجهد الذي بذله الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ورجاله المخلصون لتوحيد أرجاء الدولة، منذ دخوله مدينة الرياض عام 1319هـ وحتى إعلان توحيد أرجاء المملكة العربية السعودية وإطلاق هذا الاسم عليها عام 1351هـ، والذي امتد زهاء 32 سنة متواصلة من الكفاح المتواصل، لم يكن حدثاً عادياً في تاريخ المنطقة، بل كان أشبه بمعجزة أثمرت عن بناء أعظم وحدة وطنية ناجحة، ليس على مستوى العالم العربي، بل على مستوى العالم.
وقد تمكن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بعد توفيق الله وعونه، من لم شتات هذه البلاد الواسعة التي كانت تتنازعها الحروب والفتن وانعدام الأمن، وتوحيدها في مملكة واحدة قوية وإرساء دعائم الأمن فيها، حتى غدا المرء يسافر من أقصاها إلى أقصاها لا يخاف إلا الله تعالى. لقد نقل المؤسس - رحمه الله - هذه البلاد من الفرقة والتخاصم بين الإمارات الصغيرة، والقبائل العديدة المتناحرة، إلى بلاد موحدة قوية، وأرسى دعائم الأمن والاستقرار فيها. ثم بعد أن فرغ - رحمه الله - من الجهود الحربية المتواصلة لتوحيد الدولة والتي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، قضى زهاء 25 عاماً أخرى في جهاد آخر ضد الجهل والفقر والمرض. وقد تمكن بعون الله تعالى، ثم ما أفاء الله تعالى به من نعمه بدء إنتاج البترول في المملكة، وما وفره من موارد متنامية من إكمال بناء الدولة، وانطلاق قطاعاتها التنموية بخطوات تسابق الزمن في المجالات التعليمية والصحية والأمنية والاجتماعية وغيرها.
إن هذه التجربة الثرية لتوحيد هذه الدولة وما فيها من جوانب مشرقة، اجتذبت، وما زالت تجتذب كثيرا من الباحثين والدارسين لتلمس جوانب مشرقة لم تحظ بالدراسات التاريخية المتعمقة. ولذلك فإن عقد هذا المؤتمر فرصة للباحثين على المستوى المحلي والعربي والدولي لتقديم مزيد من البحوث والدراسات الرصينة التي تتناول جوانب من شخصيته وصفاته القيادية التي مكّنته من تأسيس الدولة في ظروف عصيبة، وإبراز الدور الإقليمي والإسلامي والدولي للملك عبدالعزيز - رحمه الله - والمملكة العربية السعودية في عهده. كما أنها فرصة للباحثين لإلقاء مزيد من الضوء على النقلة الحضارية التي شهدتها الدولة في عهده في الجوانب التعليمية والصحية والاقتصادية والإدارية والأمنية والاجتماعية وغيرها من المجالات. ولذلك فلا غرو أن يقبل الباحثون في الشؤون التاريخية والحضارية للمشاركة في هذا المؤتمر العالمي المهم حتى تلقت اللجنة العلمية حتى الآن أكثر من 100 بحث وورقة عمل من البحوث العلمية الرصينة، كما اعتذرت اللجنة عن أكثر من ضعف هذا العدد من الباحثين الذين لم ترق بحوثهم لمستوى هذا المؤتمر وأهميته.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤتي هذا المؤتمر ثماره المرجوة وأن يحفظ لبلادنا الغالية أمنها وأمانها واستقرارها وولاة أمرها إنه سميع مجيب.
د. فوزان بن عبدالرحمن الفوزان - مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالنيابة رئيس اللجنتين التحضيرية والتنظيمية للمؤتمر