تونس - فرح التومي - الجزيرة:
لم يعد بمقدور القيادات البارزة بحركة نداء تونس إنكار مرور الحزب بأزمة خانقة تهدد جدياً وحدة صفوفه المهترئة أصلاً منذ استقالة زعيمه وأبيه الروحي الباجي قائد السبسي رئيس الدولة، فقد تداول على فضاءات الحوار التلفزية عدد من أسماء القيادات الندائية من التيارات الثلاثة المتنازعة حالياً، وهي الكتلة النيابية من جهة والهيئة التأسيسية بشقيها الاثنين، واليساريون المساندون للأمين العام للحركة الطيب البكوش.. فضلاً عن الطابور الطويل من الندائيين المصطفين وراء حافظ قائد السبسي رئيس الهياكل بالنداء ونجل مؤسسه الباجي قائد السبسي، وهم الذين يسعون إلى «توريث» الابن ما تركه الأب.
تيارات عديدة متنافرة ومواقف «انقلابية» واضحة وبيانات وتكذيب لتصريحات من هنا وهناك تؤشر إلى قرب حصول موت سريري لحزب نداء تونس الذي ولد منذ ثلاث سنوات «كبيراً» كما يصفه مناضلوه من تجمعيين ودساترة ويساريين ونقابيين.. وهي فسيفساء قلَّ أن تتجمّع صلب حزب واحد لاستحالة توحدها حول موقف معين من قضية معينة.. والواقع أقوى دليل.
لم يكتف بعض الندائيين البارزين بتأجيل اجتماع أول أمس الأحد الذي كان مخصصاً لانتخاب المكتب السياسي الجديد للنداء الذي سيُدعى للتحضير لتنظيم المؤتمر الأول للحزب خلال أشهر قليلة، بل إن بعضهم تجاسر وأصدر بياناً دعا فيه إلى عدم قبول توسيع الهيئة التأسيسية باعتبار أن في ذلك خرقاً للقانون المنظم للأحزاب وإجراء قد يقود الحركة إلى التشتت.
ويُذكر أن شقاً كبيراً من الهيئة التأسيسية للحزب وأغلب نواب النداء بمجلس نواب الشعب رفضوا رفضاً قاطعاً التحاق كل من حافظ قائد السبسي ومحمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحركة بالنيابة وفاضل بن عمران رئيس الكتلة النيابية للنداء بالهيئة التأسيسية للحركة مثلما يرغب في ذلك الباجي قائد السبسي.
ومما زاد من تعكير علاقة الندائيين فيما بينهم حالة الغضب التي انتابت قيادات وقواعد الحركة أمضى خلالها 64 نائباً في كتلة النداء البرلمانية و24 منسقاً جهوياً و60 عضواً في المكتب التنفيذي وثيقة أعلنوا بموجبها سحب اعترافهم بالهيئة التأسيسية للحركة وعدم اعترافهم بقراراتها، كما دعوا الهيئة إلى حل نفسها بنفسها.
وكان الرأي العام والنخبة السياسية تابعوا بقلق شديد الجدل القائم بين قيادات ندائية بارزة، حيث أكد لزهر العكرمي القيادي والناطق الرسمي للنداء بكل وضوح «وجود حملة تشن ضد حزب النداء وهيئته التأسيسية»، معتبراً أنها حملة توريث لحافظ قائد السبسي، ومعبراً عن رفضه لعودة النظام البائد وعودة التوريث.
وأضاف لزهر العكرمي: نعلم جيداً من يحرك هذه الحملة وهناك أطراف لم تحصل على مواقع في السلطة ونجدها اليوم ملتفة حول حافظ السبسي الذي قال إنه من عائلة كينيدي، ونحن نحكم رقابكم، وأقول له إننا لن نسلم رقابنا لأي شخص.. أحترم كثيراً الباجي قائد السبسي إلا أنه لا مكان لابنه بعد ما قام به من تجييش وتآمر على الحزب، وبالتالي لم يعد له مكان داخل النداء.
وفي المقابل، نفى بوجمعة الرميلي المدير التنفيذي لحركة نداء تونس كل ما صرح به القيادي العكرمي، وأكد أن كل ذلك ليس سوى افتراء وكذب الغاية منه إدخال البلبلة في صفوف الحركة، واصفاً ما يدور حالياً بـ»المحاولة الانقلابية على الشرعية»، وأكد أن الهيئة التأسيسية تجتمع اليوم الثلاثاء للحسم في الخلافات القائمة والنظر في السبل الكفيلة بتجاوز العراقيل القائمة أمام انتخاب المكتب السياسي الجديد، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لوقف سيل الأكاذيب والإشاعات التي يروّجها قياديون من داخل الحركة وخارجها.