مبادرات المسؤولية الاجتماعية وفي مناطق المملكة كافة، بدأت ترى النور وتزيد سماءنا نوراً وشعاعاً. سعادتي كبيرة حين أسمع أو أقرأ خبراً عن المسؤولية الاجتماعية. عرف البنك الدولي المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility لرجال الأعمال بأنها: التزام أصحاب المؤسسات والشركات بالمساهمة في التنمية المستدامة، وذلك من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل، بهدف تحسين مستوى المعيشة بأسلوب يخدم التجارة والتنمية في آن واحد. إن رد الجميل من شيم الكرام والمسؤولية الاجتماعية جزء بسيط من دعم الدولة المنقطع النظير لجميع القطاعات. إن أهمية قيام مؤسسات جميع القطاعات بمسؤولياتها الاجتماعية والمساهمة في تنمية المجتمعات المحلية المحيطة بها جزء لا يتجزأ من قيم تلك القطاعات.
البحث العلمي كما أنه مسؤولية وزارة التعليم العالي وجهات حكومية كثيرة والقطاع الخاص، كتبتُ في مقال سابق عن أهمية إنشاء وزارة البحث العلمي أو إضافة البحث العلمي لتصبح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. البحث العلمي هو مستقبل الدولة في أنشطتها وتطلعاتها كافة. سنة 2014 ميلادية على وشك الرحيل، عندها تعلن جميع القطاعات أرباحها الصافية. خلال 9 أشهر من هذا العام بلغت أرباح قطاع البتروكيماويات 28 مليار ريال، وقطاع البنوك 31.88 مليار. ماذا عن أرباح بقية القطاعات وفي نفس الفترة؟ قطاع البتروكيماويات والبنوك ربحا 59 مليارا، وربما يصل إلى 65 مليارا في نهاية السنة. الشركات العائلية أرباحها فلكية أين هي من المسؤولية الاجتماعية.
إن كل البرامج ومبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات تتطلب عناصر أساسية لا بد من توافرها، وأهمها أن يكون هذا التوجه مدعوما من أعلى رأس الهرم في الشركة ومجلس إدارتها. المسؤولية الاجتماعية في المناطق والشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية جهات نفتخر بها وعلى الجميع دعمها، وهناك جهات أخري يشع نورها بريقاً. إننا ننتظر كمواطنين أن تتفق جميع القطاعات من بنوك، وبتروكيماويات، واتصالات، وأسمنت، وزراعة، وشركات عائلية، التأمين، الإعلام والنشر، النقل، التطوير العقاري وبقية القطاعات على تخصيص 5% من أرباحها لدعم المسؤولية الاجتماعية، والبحث العلمي.
وعلى سبيل المثال أرباح عام 2013 ميلادية حققت 153 شركة مدرجة بالسوق السعودية أرباحا صافية بلغت 102.39 مليار ريال، 5% منها للمسؤولية الاجتماعية والبحث العلمي التي تمثل تقريبا 5 مليارات. ماذا عن عام 2014 ميلادية.
أتوقع من جميع البنوك والشركات بقطاعاتها كافة (153 شركة) أن تنشي إدارة عامة مرتبطة مع أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي، تسمى إدارة المسؤولية الاجتماعية، بحيث يكون لدينا 153 إدارة، يخصص لها 5% من أرباح العام السابق كميزانية، لا شك أن هذا الموضوع يحتاج له موافقة مجلس الإدارة ولا أعتقد أن أي مجلس سوف يصوّت بالرفض، فالهدف المساهمة في التنمية والتطوير، ودعم الأعمال والأنشطة الاجتماعية والإنتاجية الخيرية في البلاد، والمزيد من الأعمال التي تصب بصالح المجتمع، ولعلي أورد مثالا حيا على مدى تحمل شركة سابك، عملاق الصناعة المسؤولية الاجتماعية، أنّ إجمالي ما أنفقته الشركة على مشاريع وبرامج المسؤولية الاجتماعية خلال العشر السنوات الماضية من عام 2014 بلغ 2.4 مليار ريال، من تلك المشاريع والبرامج الإسهامات في القطاعات الصحية والتعليمية، والبيئة مع الجهات ذات العلاقة التي تمثلت في «مستشفى للصحة النفسية وعلاج الإدمان»، و»برنامج سابك الوطني للوقاية من المخدرات»، و»تأمين عيادات متنقلة للكشف المبكر لسرطان الثدي»، و»إنشاء مركز أبحاث التوحد في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض»، و»المساهمة في تبني أول مشروع مدارس نموذجية للمصابين بمتلازمة داون في مدينة الرياض».
أخيراً لقد صاغ الإسلام الشعور المشترك في المجتمع، عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).