الجزيرة - ناصر السهلي:
أرجعت عضو مجلس الشورى الأستاذة الدكتورة زينب أبو طالب أسباب طرح مشروع «الهيئة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية» للمناقشة تحت قبة مجلس الشورى إلى ضعف مشاركة التجار ورجال الأعمال، وأنانية البنوك والشركات في برامج التنمية في المملكة.
وقالت أبو طالب، إن تصويت المجلس على ملائمة المشروع للدراسة خطوة مهمة في مراجعة فكر وثقافة التنمية في المملكة وإعادة صياغة المقولة بأن الدولة مسؤولة عن كل أشكال التنمية، الى مسؤولية القطاع الخاص وشراكته في تطوير وبناء البيئة التي تحقق له الأرباح الطائلة.
وأكدت في تصريح لـ (الجزيرة) أنها تقدمت بمشروع «الهيئة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية». بعد ذلك قالت: إنه (جشع بعض التجار ورجال الاعمال، والانانية الظاهرة في البنوك والشركات) التي تفكر في الربح فقط، دون التفكير مطلقا في المساهمة في بناء البيئة التي تحقق لهم الربح والثراء.
وأبانت أبو طالب أن التنمية المستدامة في المملكة لا يمكن أن تقوم إلا على قدمين، لا على قدم واحدة قدم الدولة، متناسية القدم الأخرى وهي قدم القطاع الخاص معتبرة أن ذلك خلل واضح.
وأضافت أنه ينبغي على القطاع الخاص أن يكون شريكاً فاعلاً في التنمية فالدول الغربية تقدمت صناعياً واجتماعياً بسبب الشراكة في تحمل المسؤولية وسد الثغرات التي تطرأ على مشاريع التنمية في بلدانهم. لذا نرى المناطق الحضرية والريفية على قدم واحدة في البنية التحتية والتنمية المتوازية.
ولفتت إلى أن سبب إطلاق هذا المشروع هو ضعف مشاركة القطاع الخاص في برامج التنمية في المملكة، بالرغم من أن الشركات في المملكة تحظى بامتيازات لا تتوفر لها دول العالم، بما فيها عدم وجود الضرائب التي تصل الى أربعين في المائة في الدول المتقدمة. والتسهيلات الخيالية كتأجير الأراضي لهم بسهر هللات للمتر الواحد، ورسوم الكهرباء والماء المتدنية، وغيرها من التسهيلات الجمركية.
وقالت يشهد العالم تحولاً ملموساً في الدور الاقتصادي الذي يقوم به القطاع الخاص، فقد أثرت فيه التغيرات والظروف الاجتماعية والبيئية, وظهرت وظائف أخرى للشركات تتركز حول مسؤوليتها تجاه المجتمع الذي تعمل فيه وتجني منه الأرباح، وتتمثل هذه المسؤوليات في الاهتمام ببعض الجوانب الاجتماعية: مثل العاملين والمستهلكين والمواطنين والبيئة المحيطة به والمجتمع بشكل عام، وقيام الشركات بتمويل بعض الأنشطة التي لا يتحقق منها عائد مباشر ولكنه ضمان لاستمرار الشركة في مجال الاعمال على المدى البعيد من خلال تطوير البيئات التي تعمل فيها.
وأشارت زينب أبو طالب إلى أنه أصبح من المألوف في منتديات التنمية العالمية محاربة المرض والفقر والجهل وتحقيق التنمية المستدامة وأن ذلك لا يمكن أن يقتصر على الجهود الحكومية. فصناع السياسة أصبحوا يولون اهتماما بدور القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية الوطنية كالاهتمام بالقضايا النفسية والاجتماعية، وضمان حقوق المستهلك وتطوير البيئة التحتية وغيرها بما يحقق خدمة للمستهلك.
وأضافت يلحظ المتتبع لأعمال المسؤولية الاجتماعية في المملكة انتشار المؤتمرات والمناشط وإدارات المسؤولية الاجتماعية في مؤسسات الدولة وفي بعض إمارات المناطق كإمارة منطقة الرياض، ووزارة التعليم العالي والجامعات، والقطاعات العسكرية مثل الحرس الوطني، والشركات والبنوك في القطاع الخاص وغيرها.
وقالت يجب العمل على نشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد والمجتمع والشركات من خلال الصحافة ووسائل الإعلام المسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي، وحث الشركات ومؤسسات الأعمال على تحديد أبعاد مسؤوليتها الاجتماعية التي تقوم بها طوعياً وتبعاً لخصوصية البيئة التي تعمل بها، وتوجيه جهودها في مسارات التنمية المستدامة كجزء من دور الحكومة في ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات وغيرها، ووضع استراتيجيات كفيلة بتحقيق التنمية المستدامة.
وبينت حرص هذا المشروع على الاستفادة من التجارب الدولية والممارسات الميدانية للشركات العالمية في خدمة المجتمعات التي تعتبر سوقاً ناجحاً لها، في تعزيز مفاهيم الشراكة المجتمعية تحت مظلة قانونية تسدد خطى هذه الشركات حول الاستثمار الأمثل لمسؤوليتها الاجتماعية في خدمة المواطن حيث سوق هذه الشركات والمؤسسات وغيرها من المناشط التجارية.
وهنا ندرك أهمية وجود آلية رسمية لمتابعة أداء القطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية، وحفظها من الهدر الحاصل في مشاركات وهمية باسم المسؤولية الاجتماعية، وهي في الحقيقة لا تمت بصلة له.
وشددت على أن مشروع «الهيئة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية» يسعى لتفعيل الجزء المعطل من التنمية الوطنية والمتمثل في تنظيم مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية. فهي البيئة التي ينمو فيها نشاطه ويحقق فيها أرباحه ويحصل على تسهيلات لا تتوفر له في دول كثيرة، حيث ندرك أنه لا يمكن للقطاع العام المتمثل في الدولة (الممول الرئيس لأنشطة الشركات المحلية والدولية من خلال المشاريع التنموية) القيام بمهمة التنمية والبناء منفرداً. فالدول الصناعية تعتمد بصفة دائمة على مشاركة القطاع الخاص من خلال منظومة المسؤولية الاجتماعية وقد نجحت إلى حد كبير في تحقيق أشكال كثيرة من التنمية والعدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع المختلفة.