من خلال مشاهدة معروضات معرض مسقط الدولي للكتاب.. تجد أن الأعمال الجديدة تحيلك لـ((الإبداع)) رواية.. قصة..شعر.. وتحيلك لرصد ((إعلامي)) لكثير من الظواهر التي طفت على سطح الأحداث العربية.. هنا.. وهناك.
مثل داعش وما يسمى بالربيع العربي.. وإيران.. مع العودة للتاريخ لإلقاء الضوء على بعض الديانات والطوائف.
لا توجد كتب فكرية ذات شأن.
لا توجد أطروحات فكرية جديدة قابلة لإثارة الجدل.
وحتى على مستوى الثقافة والأدب والنقد والدراسات... كل شيء ما زال على حاله... وإن كنا نرى أن نشاط الترجمة للإبداعات الأجنبية أصبح مكثفاً.. الأمر الذي يجعلك تقول:
- فين هذي الكتب من زمان..!!
لأننا -أبناء جيلي- كنا نحتاج ترجمتها للاطلاع عليها قبل عشرة أو خمسة عشر عاماً.. أما الآن فقد تحولت اهتماماتنا وتجاوزتها.
إما من خلال المشاهدات التلفزيونية.. لبعض المناظرات والأطروحات السياسية والفكرية.. ومنها على سبيل المثال مناظرات ((مؤسسة الفكر العربي)).. و((قلم يتحدث)).. و((تلك الأيام)).. أو حتى الحوارات الخاصة التي تبث هنا وهناك من حين لآخر.
نجد أن من المحتم علينا القول.. إن دور المثقف انتهى تقريبا.. إن لم نقل انتهى تماماً.. فنحن نجد نفس الوجوه.. تتناول نفس القضايا.. وهي وجوه لأسماء مثقفين ومفكرين كبار.. اكتملت دورة ((أفكارهم)).. وهم مازالوا يرددون نفس الكلام الذي دأبوا على ترديده منذ أكثر من ربع قرن.. دون أن نسمع فيما يطرحونه لمحة مميزة أو تصورا طموحا ومتجاوزا.
نجد أن المفكر والمثقف وهو يحاور ((الأطروحات)) و((التحولات)) ما تفرزه ((الأحداث)).. لا يملك رؤية مستقبلية قابلة للجدل والحوار والنقاش.. أو تصلح لأن تكون بديلاً ولو بشكل جزئي لما نعاني منه.. وتصلح لتبنيها كرؤية قابلة للتطبيق بما فيها من حلول ايجابية.
نجد أن هناك عُزلة للمفكر والمثقف.. فهو يتابع الأحداث ويرصدها ويحللها بمنطقه المعزول عن ((روح الشباب)).. وإشكالاتهم.. لأن معظم الشباب لا يقرؤون الكتب ولا يهتمون لأطروحاتهم.. أصبحت لديهم وسائل اتصال وتواصل جديدة..ونشأت لديهم مشاكل مختلفة.
لم نجد في الأطروحات الفكرية ما يسعى لردم الهوة بين الشباب ويقوم بشرح الأسباب التي تؤدي للانحراف والتطرف والاستجابة للدعوات التي قد تشجع البعض منهم على استمزاجها والتجاوب معها.. فيما نجد أن الأغلبية من الشباب.. تنظر لتطورات الحياة الإنسانية بعين وعقل مفتوح.. يجعلها قادرة علي التفاعل معه ومع إيجابياته.
لم يعد الفكر العربي قادراً على رؤية مستقبل الشباب.. ولم يعد قادراً على قراءة أفكاره.. ووضعها في قناة قابلة للجدل بطريقة يمكن للشباب التفاعل معها سلباً وإيجاباً.
نقول ((قناة)) لأنه يجرى فيها كل شيء.. وإيجاد مثل هذه القناة يجب أن يعتمد على الشباب أولاً.
يجب أن يعتمد على أبنائي وأبناءك الذين أصبح سن الواحد منهم يقترب من الأربعين.. ونحن نصر على التفكير نيابة عنهم متجاهلين حياتهم الخاصة والأسر الجديدة التي كونوها... والأبناء الذين أنجبوهم.. والأفكار الجديدة التي يحملونها ويريدون أن يعبروا عنها.
- عبدالله باخشوين