من المهم أن نقف أحياناً لنشيد ببعض الرجال ونحيي فيهم فضائل ومكارم الأخلاق، ونؤكد لهم عرفاننا وتقديرنا وامتناننا لما بذلوه وقدموه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد على مثل ذلك بتقرير خصائص وسمات ومزايا بعض أصحابه فليلقب أبا بكر رضي الله تعالى عنه بالصديق ويزكيه بأنه أرأف أمة محمد، ويهدي عمر رضي الله لقب الفاروق ويصفه بأنه أشدهم في أمر الله والحق وهكذا.. وربما يسعى نبينا صلى الله عليه وسلم لتأكيد مبدأ اختفى وغاب وأُهمل وللأسف لدى بعضنا ألا وهو الإقرار بالفضائل والمحاسن.
يسرك حينما تقابل سمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز أو تحضر جلسة يستقبل فيها المراجعين ما تراه عليه من الإصغاء أو الاستفسار أو التوجيه، فبالأولى يفهم الأمر وبالثانية يتأمل الأمر وبالثالثة يحيل الأمر، وكل ذلك في غضون ثوان أو دقائق معدودة، حريص كل الحرص على مقابلة المراجعين ولذلك موعد قد خصصه لا يحيد عنه إلا في ظروف طارئة كونه خارج الإمارة وبشكل يومي طيلة أيام الأسبوع، وكأنه بذلك يجدد إيمانه بمقولة «سيد القوم خادمهم».
من يعملون معه يتفانون في خدمته كما يراهم كل قريب منهم ويعتزون بالعمل مع سموه، ولقد أخبرني سكرتير سموه بإمارة المنطقة الشرقية الأخ الأستاذ ظافر القحطاني عدة مرات أن الأمير كثيراً من الأحيان يعود للرياض براً وهو مستمتع بذلك؛ حيث إن سموه محب ومعتاد وميال لعيشة الآباء والأجداد وأسلاف الجيل الماضي ويرى أن مصدر نجاحاتهم قائم على بعدين أساسين هما: الصلاح الديني والتكيف مع الحياة.
والأمير جلوي مرب فاضل قبل أن يكون أميراً مسؤولاً، فهو مع أبنائه كما ينقل لي دوما الأستاذ ظافر يكتفي بالتوجيه غير المباشر، ويجعل التربية بالقدوة أساس لكل تأثير، ولعل هذا الأسلوب هو نص ما جاء به القرآن الكريم في الحث على التأسي والاقتداء بأطهر الخلق وأفضل ولد آدم، وقد لمسته حينما عملت بوظيفة المرشد الطلابي بالمرحلة الابتدائية بمدارس الرياض الذي كان يرأس مجلسها الفخري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث كانت المتابعة لابنه فيصل تأتي بأسلوب لا يشعر فيه ابنه بأي تميز أو فرادة.
ومما يثلج الصدر أن سموه غادر المنطقة الشرقية بعد لحظات من صدور الأمر الملكي بتعيينه أميراً لمنطقة نجران سامعا طائعا ًمستجيباً للأمر الملكي، وهذا تفسيراً وترجمة عملية لمفهوم «الإمارة تكليف وليست تشريف».
القائمة على سرعة تلبية النداء والحرص على القيام بالمهام.
ولا أنسى حين إهدائي لسموه كتابي المتواضع «نوادر في الثقافة التربوية» ما أسمعني من توجيهات وإرشادات وكلمات أبوية محبة تدور حول الحرص على العقيدة الإسلامية وخدمة الوطن والعمل المخلص فيما يعود للمجتمع والوطن بالنفع، وكأني أحد أبنائه ذوي القربى، وهو كذلك مع كل من يعامله أو يعمل حوله ومعه.
وإننا ندعو الله عز وجل أن يوفق سمو الأمير جلوي لخدمة دينه ومليكه ووطنه ويوفق إخوانه أمراء المناطق ونوابهم وكل مسؤولي الدولة لكل خير، وأن يمد كل مخلص بتوفيقه وإعانته إنه سميع قريب مجيب.