الجزيرة - عوض مانع القحطاني / تصوير - أحمد يسري:
أكدت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية التزامهم بمحاربة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة وعدم سماحهم لإيران بامتلاك القنبلة النووية أو اي سلاح نووي يهدد المنطقة.
وقالوا خلال مؤتمر صحفي عقده صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية مع معالي وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري في قاعدة الرياض الجوية بأننا بحثنا قطاعا عريضا من القضايا الهامة مثل قضية اليمن وسوريا وليبيا وما يحصل في العراق، وقد أكدنا بأن هناك رفضا تاما لفرض الواقع بالقوة فيما يحصل في اليمن، وأن ما تقوم به المليشيات الحوثية عمل ترفضه الأعراف الدولية وتهدد استقرار البلد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن شراكتنا مع دول الخليج هامة وأن استقرار وأمن هذه الدولة يهمنا وعلاقاتنا قوية.
وأبان كيري بأن علاقة المملكة مع أمريكا وشراكتنا وصداقاتنا تطورت في عهد الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونحن حالياً نطور هذه العلاقات مع الملك سلمان ونتطلع إلى نفس العلاقات وهو ما وجدناه عند الملك سلمان من أجل خدمة القضايا ونبذ التطرف وبناء علاقات واستراتيجيات قوية.
البيان المشترك
وقد صدر عقب الزيارة بيان مشترك تلاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في مؤتمر صحفي مشترك مع معالي وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري جاء فيه ما يلي:
في البداية أتشرف أن أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على ما أحاطني به من رعاية واهتمام خلال فترة علاجي الأخيرة، كما أتوجه إلى الشعب السعودي الكريم بصادق الحب والمودة على مشاعرهم النبيلة.
أود أيضاً أن أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن فرحة وطن بعودة ابن الوطن الدبلوماسي عبدالله الخالدي إلى أحضانه بحفظ الله ورعايته، وأن أتوجه بهذه المناسبة ببالغ الشكر وعظيم التقدير لكافة أجهزة الدولة والأجهزة الأمنية التي شاركت في عودته سالماً وبتوجيهات من القيادة الكريمة، وأخص بالذكر صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الذي أولى هذا الموضوع عنايته الفائقة منذ اليوم الأول لاختطاف الدبلوماسي الخالدي.
أرحب الآن بمعالي الوزير جون كيري والوفد المرافق له في المملكة، وقد كان جدول معاليه حافلاً بالاجتماعات بدأت صباح هذا اليوم بلقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون، وتوجت باستقبال خادم الحرمين الشريفين لمعاليه، كما عقدنا جلسة مباحثات ثنائية.
المباحثات في مجملها كانت مثمرة وبناءة، اتسمت بالعمق والشفافية، كما هو حال لقاءاتنا دائماً، تناولنا خلالها قطاعاً عريضاً من الموضوعات الخاصة بالعلاقات الثنائية بين بلدينا، إضافة إلى بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقد اشتملت اللقاءات على بحث مستجدات الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا وجهود التحالف الدولي القائمة لمحاربة الإرهاب، وذلك علاوة على تطورات مفاوضات برنامج إيران النووي، وعملية السلام في الشرق الأوسط وغيرها من الموضوعات.
فيما يتعلق باليمن.. فكما تلمسون هناك اتفاق دولي تام بالرفض المطلق للانقلاب الحوثي على الشرعية، ومحاولات فرض الواقع بالقوة ورفض كل ما يترتب على هذا الانقلاب من إجراءات، بما في ذلك ما يسمى الإعلان الدستوري للمليشيات الحوثية، وقد عبر المجتمع الدولي عن دعمه الكامل للحكومة الشرعية في اليمن بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، وهذا الأمر عكسته بشكل واضح البيانات الصادرة عن كل من مجلس التعاون، وجامعة الدول العربية، ومجلس الأمن الدولي. والمملكة إذ تنوه بهذه المواقف والجهود وما صدر عنها من قرارات وإجراءات، فإنها تؤكد مجدداً على أهمية استئناف العملية السياسية وفقاً لمرجعية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وعلى أهمية مساعدة الشعب اليمني الشقيق للخروج من محنته جراء هذه الأحداث الخطيرة، بما يحافظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته، وأمن واستقرار المنطقة.
ناقشنا أيضاً جهود التحالف الدولي القائم لمحاربة الإرهاب وتنظيم داعش على وجه الخصوص، بما في ذلك الإجراءات القائمة لمحاربة التنظيم ومكافحته من كافة الجوانب العسكرية والأمنية والفكرية وتجفيف موارده المالية. إن المملكة العربية السعودية إذ تؤكد على أهمية هذا التحالف لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا، فإنها في الوقت ذاته ترى بأهمية توفير السبل العسكرية اللازمة لمواجهة هذا التحدي على الأرض، وأن تكتسي هذه الحملة منظوراً استراتيجياً شاملاً يحارب الإرهاب أينما وجد وأياً كانت التنظيمات التي تقف وراءه للقضاء على الإرهاب من جذوره.
تناولت محادثاتنا كذلك مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، حيث تؤيد حكومة المملكة جهود مجموعة دول (5+1) من واقع حرصها على حل الملف بالطرق السلمية بغية الوصول إلى اتفاق ناجح يبدد كافة الشكوك المحيطة به، ويضمن عدم تحوله إلى برنامج عسكري يهدد المنطقة والعالم، كما تؤيد المملكة موقف مجموعة دول (5+1) في السعي نحو وضع نظام تفتيش دولي صارم يتم التأكد بموجبه من عدم سعي إيران لصنع أو امتلاك أسلحة نووية، مع ضمان حق إيران وكافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير ومتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها.
بالنسبة للأزمة السورية ومع دخول عامها الرابع أعتقد أننا جميعاً لمسنا أن استمرار هذه الأزمة لم يفض فقط إلى تدمير سوريا وتشتيت شعبها وتعميق معاناته الإنسانية، بل أدى أيضاً إلى جعل سوريا ملاذاً آمناً للتنظيمات الإرهابية وبمباركة من بشار الأسد الفاقد للشرعية، مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لسوريا والمنطقة والعالم، وهو الأمر الذي يحثنا على تكثيف الجهود لتشجيع ودعم المعارضة المعتدلة بكل ما تحتاجه من عتاد وتدريب لمواجهة إرهاب الأسد والتنظيمات الإرهابية، وطرد المحتل الأجنبي من أراضيه. مع التأكيد في الوقت ذاته على أن بلوغ الحل السلمي القائم على مؤتمر جنيف 1 يتطلب تحقيق التوازن العسكري عل الأرض.
ناقشنا أيضاً عملية السلام في الشرق الأوسط في إطار الجهود التي قامت بها الولايات المتحدة مؤخراً لإحياء مفاوضات السلام، لبلوغ الحل العادل والدائم والشامل للنزاع، وهي الجهود التي حظيت بمؤازرة العرب والفلسطينيين وبمباركة من جامعة الدول العربية. إن رؤيتنا تجاه الحل المنشود تظل مستندة على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية، الهادفة إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة. إلا أنه للأسف الشديد لم يتسن لهذه الجهود أن تؤتي ثمارها، ويعود السبب في ذلك إلى سياسة التعنت والمماطلة الإسرائيلية، وإجراءاته التعسفية أحادية الجانب بحق الشعب الفلسطيني. وليس أدل على ذلك من قيام إسرائيل مؤخراً باعتقال الطفلة ملاك الخطيب التي لم يتجاوز عمرها 14 عاماً وإخضاعها لحكم المحكمة العسكرية وسجنها وفرض غرامة مالية عليها بذريعة إلقائها الحجارة، إن هذا الأمر يدعو إلى الأسى والحزن والاستهجان الشديد، خصوصاً وأنه جرى على مرأى ومسمع العالم أجمع ومنظماته الحقوقية في تحدٍ صارخ لكافة مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل. إننا نؤكد من جانبنا على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسوؤلياته تجاه كافة الممارسات اللاإنسانية لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وإلزامها باحترام عملية السلام ومبادئها، وعدم انتهاك الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني
كلمة كيري
عقب ذلك ألقى معالي وزير خارجية أمريكا السيد جون كيري كلمة قال فيها: أنا سعيد بعودة وزير الخارجية إلى المملكة بعد العلاج.. وهو بدون شك مرجع لنا في كثير من القضايا الهامة وهو مستشار لأي أمر يتعلق بالمنطقة.
وقال كيري: نحن سعداء بعودة القنصل السعودي من أيدي المختطفين ونحن في أمريكا قلقون على سفيرنا في كوريا الجنوبية ولكننا نرفض استخدام مثل هذه الأساليب وسوف نتصدى لها بكل قوة ولن نسمح لأحد إلحاق الأذى بمواطنينا ونحن ضد أي عمل تطرفي ضد الدبلوماسية وأن هذه التهديدات لا تخيفنا.
وأوضح كيري بأننا أطلعنا خادم الحرمين الشريفين على كثير من القضايا وشراكتنا مع المملكة ودول الخليج وناقشنا كثيراً من القضايا والتحديات، وأن شراكتنا مع دول الخليج ضرورية جداً لمجابهة عدد من التحديات العاجلة.. ومن الضروري أن نبقى على اتصال مستمر ووثيق ولاسيما في هذه الأوقات الصعبة.
وقال: لقد اجتمعت مع الملك سلمان بن عبدالعزيز ونتطلع إلى نفس العلاقة التي كانت مع الملك عبدالله الراحل وهو ما وجدناه عند الملك سلمان.. كما تم التباحث مع سمو ولي ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وتباحثنا في العديد من القضايا خاصة قضايا التطرف والإرهاب.
وبين كيري أن المفاوضات مع الجانب الإيراني وأن نتائج هذه المفاوضات ستكون لها عواقب كثيرة على العالم بأسره وخاصة دول المنطقة ونحن نتفهم ذلك والحقيقة أن على دول الأعضاء المشاركة في المباحثات الإيرانية (5+1) تقع عليها مسؤولية هذه الدول، وأن هذا الاتفاق سوف يخفف ويبدد المخاوف لدى الدول من امتلاك إيران للسلاح النووي ويعزز نظام عدم انتشار السلاح النووي.. ويعزز فرص السلام في أماكن أخرى.
وأكد كيري بأن سبب مجيئي إلى هنا هو اطلاع المملكة ودول الخليج على نتائج هذه المباحثات والتطورات ومعاييرنا وما نتطلع إليه منذ أن بدأت المفاوضات.. وقال نحن لا نسعى إلى حل كبير ولن يختلف أي شيء في اليوم الذي نتوصل فيه إلى اتفاق فيما يتعلق بالأمور الأخرى والقضايا المتعلقة بهذه المنطقة.. وسوف نتخذ إجراءات لعدم امتلاك إيران للسلاح النووي وهذا هو مكون هام للمنطقة والعالم.
نحن نعمل على أن يكون برنامج إيران سلميا بحتا.. وليس لتهديد المنطقة، وبالتأكيد نحن مع إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي مؤكداً بأن المفاوضات حققت تقدما ولكن هناك بعض المفاوضات الجدية ويجب حلها ونتطلع إلى إيجابيات من إيران وسنعرف من إيران ما إذا كانت جادة في مفاوضاتها.
واختتم كيري حديثه قائلاً: لن نزيح أعيننا عن نشاطات إيران النووية وأي تهديد لاستقرار المنطقة ويهدد الأوضاع في سوريا واليمن على وجه الخصوص، وقال سواء إن اتفقنا أو لم نتفق فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تلتزم بمعالجة جميع القضايا مع إيران بما في ذلك دعمها للإرهاب.
وأكد كيري بأن موضوع اليمن يهم أمريكا ودول الخليج وعلينا أن نتعاون في هذه القضية وأن تشترك جميع الأطراف فإن على الحوثيين إيجاد حل توافقي على أساس مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني.
وأوضح فإنه تم مناقشة الوضع في سوريا والعالم أجمع يريد أن يرى الحرب قد انتهت في سوريا.. ثلاثة أرباع البلد هم نازحون والبلاد تهدمت بسبب رئيس يريد أن يحافظ على بقائه.. وقد دمر جميع منشآت بلاده وممتلكات الناس وكما قلنا: إن الرئيس أوباما قال: لا مكان لهذا الشخص الذي أطلق الغاز السام على شعبه في الحكم.. وقام بتعذيب أكثر من عشرة آلاف كلها موثقة.. وهذا أمر لا نفهمه ولا نستوعبه وقد فقد الشرعية.. ولكن ليست لدينا حالياً إلا محاربة داعش ودحرها من أجل أن نعطي الشعب السوري القدرة على بناء دولته من خلال ضغط عسكري وحل سياسي.
وكشف كيري بأنه لا يوجد نقص في القضايا العاجلة بين السعودية ودول الخليج فأمريكا وأصدقاؤنا سوف نبقى على اتصال مستمر حول هذه القضايا وقد تحدثنا مع الملك سلمان بأن مجلس التعاون سوف يبقى متحداً، ويتوجب علينا أن ننظر في أفضل طريقة لتنسيق جهودنا في السلام والاستقرار.
أجاب عن الأسئلة الصحفية
وقد أجاب الأمير سعود الفيصل والوزير كيري عن أسئلة الصحفيين.. فحول سؤال عن تخلي إيران عن نشاطها النووي مقابل العبث في المنطقة قال الفيصل الوزير كان شفافاً في هذا الجانب وقد أعطى تصوراً واضحاً والتزام الولايات المتحدة الأمريكية بعدم تطوير القنبلة الذرية.. ونحن قلقون حول طبيعة الأعمال التي تقوم بها إيران في المنطقة من تدخلاتها في الدول العربية وهذه الإجراءات يجب أن تتوقف ونحن بالطبع قلقون من الطاقة الذرية والأعمال التي تقوم بها إيران.
وهي عناصر لزعزعة المنطقة.. مثل اليمن وسوريا والعراق وهذه أمور يجب أن تتوقف إذا أرادت إيران علاقات وحلاً في المنطقة.
وقال كيري تعليقاً على هذا الأمر يجب إعطاء دول الخليج ضماناً أكبر لهذا الجانب وإبعاد منطقتهم من أي تدخلات والحيلولة دون امتلاك إيران للأسلحة النووية ونحن ملتزمون بأننا سوف نقف في وجه أي عمل يدعم الإرهاب أو أي تدخل ينافي النظام الدولي.. وإيران لا زالت تسمى دولة ترعى الإرهاب.. ونحن ندعو أصدقاءنا في دول المجلس لواشنطن لحضور اجتماع تشاوري خلال الشهرين القادمين.
وقال الفيصل في إحدى إجاباته عن بعض الأسئلة: بشار الأسد ليست له شرعية ونحن متفقون على ذلك والحل هو في جنيف (1) وهو حكومة انتقالية.
وبين الفيصل بأن التدخل الإيراني في تكريت هو أن إيران تأخذ جميع البلاد وتسير عليها في السلم والحرب وأصبحت بيد إيران وهذا تدخل غير مقبول في شأن الدول وهي من خلقت الطائفيين.
مؤكداً سموه بأن دول الخليج تريد علاقات حسنة مع إيران.. لكن إيران لا تريد ذلك.