صدر بالأمس القرار الملكي الكريم بتغيير مسمى جامعة سلمان بن عبدالعزيز بالخرج إلى جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز. وهذا خبر لو سمعه الإنسان في موطن آخر لأصابته الدهشة والاستغراب، فإن الإنسان يسعى بطبعه إلى تسمية المشاريع المهمة باسمه ليخلد اسمه في صفحات التاريخ ويرجو أن يذكره الناس على فعله فيصيبه الخير من دعائهم. ولكن أن يقوم ملك متوّج بنزع اسمه عن صرح تعليمي وتسميته باسم أخيه المتوفى فهذا أمر لم تألفه الناس ولا يمكن أن يقوم به إلا من كان الوفاء سجية أصلية في خلقه.
وفي الحقيقة فإن هذا الموقف العظيم ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة من مواقف الوفاء لهذا الملك العظيم. وقد سبق أن كتبت مقالاً سطرت فيه إعجابي بوفائه يوم أن ترك الرياض وسافر ليكون إلى جانب شقيقه الذي يحبه الأمير سلطان -رحمه الله- أثناء رحلته العلاجية. وانقطع عن الكثير من مسؤولياته السياسية والاجتماعية. وجعل شغله الشاغل متابعة حالة الأمير سلطان الصحية والعمل على توفير كل أسباب الراحة له. فأي حب هذا وأي وفاء. وهل أدل على ذلك من موقفه من أخيه الملك خالد -رحمه الله-، وكذلك ملازمته الكاملة للملك فهد -رحمه الله- لسنوات طويلة. وهل أدل على حنانه ووفائه من سؤاله الدائم عن أحوال المواطنين، فتراه يتألم لألمهم بصدق، ويفرح من قلبه لفرحهم بمشاعر صادقة حتى ليشعر كل واحد منهم بأن له مكانة خاصة عند مقامه الكريم لا تعلوها مكانة. فأي حنان هذا وأي وفاء حتى صار حبه في صميم فؤاد المواطنين كما قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فلطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
ومن ذلك ما لقيناه من حبه ومودته يوم وفاة أخي عبدالعزيز -رحمه الله-، حيث اتصل بنا -حفظه الله- من جدة هاتفياً، ثم لما قدم الرياض قام -أيده الله- بزيارتنا قبل أداء صلاة الجنازة على فقيدنا ثم أدى صلاة الجنازة على الفقيد ثم زارنا معزياً مرة أخرى.. أيضاً حينما علم -أيده الله- بالعارض الصحي الذي ألم بوالدي قام بزيارته للاطمئنان عليه.. فأي وفاء هذا وأي شهامة وكرم.
وحتى إنه أثناء سفره للعلاج لا ينقطع تواصله مع الناس، بل يستمر في تفقد أحوالهم، ومن على السرير الأبيض حينما قام -رعاه الله- بإجراء عملية في الظهر تجده يهنئ هذا ويعزي ذاك حتى تشعر وكأنه موجود بينهم. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صفاء وإخلاص حبه ووده للناس. حتى صار الوفاء في سجيته ويصدر بشكل تلقائي وعفوي.
لقد سبق أن كتبت في الملك سلمان عدداً من المرات، وسأبقى وغيري لنكتب معبرين عن حبنا وتقديرنا لهذا الملك الجليل. فهل جزاء الوفاء إلا الوفاء.
وفق الله ملك الوفاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لكل خير وأمد في عمره على الخير إنه ولي ذلك والقادر عليه.
- فهد بن ثنيان بن فهد الثنيان