الجزيرة - فايز المزروعي:
وصف اقتصاديون وقانونيون خطوات وإجراءات هيئة سوق المال ضد شركة اتحاد اتصالات «موبايلي» بالإيجابية على السوق السعودي، وستدفع إلى مزيد من الالتزام بالنسبة لإدارات الشركات الحالية في السوق أو الشركات التي ستطرح للاكتتاب مستقبلاً، وأكدوا لـ»الجزيرة» أن «موبايلي» تعد من كبرى المفاجآت التي مرت على تاريخ سوق الأسهم؛ إذ كانت تعد من أبرز الشركات الاستثمارية ذات النمو العالي ومكرر الأرباح المنخفض، التي تجذب المستثمرين بقوة أدائها وربحيتها المتنامية، ولعل من ينظر للقوائم المالية للشركة في السابق سيعتبرها من شركات النخبة في السوق، مشيرين إلى أن ما حدث في الشركة لا يُعد استثناء تنفرد به الأسواق الصغيرة أو الناشئة، بل يحدث في أعرق الأسواق العالمية وأكبرها عمراً وأشدها نضجاً، ولكن تبقى معالجة المشكلة من قِبل الجهات المعنية حسب الأنظمة والقوانين هي ما يميز كل سوق عن غيره. وقال المستشار القانوني فهد الدغيلبي إن خطوات وإجراءات هيئة سوق المال ضد «موبايلي» تُعتبر إيجابية للسوق، وبمنزلة جرس إنذار لباقي الشركات ومجالس الإدارات الأخرى لعدم الوقوع بمثل هذه المخالفات أو الأخطاء مستقبلاً، إلى جانب أن هذه الخطوة ستعزز ثقافة المطالبة بالحقوق من قِبل المتداولين في حال تضررهم عبر القنوات الرسمية والجهات المعنية، كما أن هذه الإجراءات من شأنها تعزيز الثقة في سوق المال، وخصوصاً عقب صدور قرار مجلس الوزراء مؤخراً القاضي بفتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية لشراء وبيع الأسهم المدرجة في السوق. وأكد الدغيلبي أهمية وضرورة إيجاد أنظمة وقوانين جديدة وصارمة ضد شركات المساهمات العامة في حال وجود أخطاء حفاظاً على أموال المساهمين وثقة المستثمرين في سوق المال، إضافة إلى التأكد من صحة البيانات والأرقام التي بُنيت عليها استحقاقات الشركة من تقييم وأداء ومكررات ربحية؛ وذلك لضمان عدم التلاعب بالبيانات المطلوبة لقياس كفاءة الشركة.
من جهته، أكد المحلل المالي مساعد السعيد أن ما حدث في «موبايلي» لا يعد استثناء تنفرد به الأسواق الصغيرة أو الناشئة، بل يحدث في أعرق الأسواق العالمية وأكبرها عمراً وأشدها نضجاً، ولكن تبقى معالجة المشكلة من قِبل الجهات المعنية حسب الأنظمة هي ما يميز كل سوق عن غيره، وهي بمنزلة (ختم الجودة) لأي سوق. وقال السعيد: «إن إعلان موبايلي نتائج الربع الثالث من 2014، وما حمله من أخبار سلبية حول خلل القوائم المالية، جاء ليهز عرش الثقة الاستثمارية في واحدة من الشركات التي كانت تتربع على ذلك العرش بكل اقتدار، بل إن هذه الهزة أصبحت تهدد السوق برمته لولا قيام هيئة سوق المال بواجباتها وتحمل مسؤولياتها لحماية السوق والمتداولين من أي شبهات أو مخالفات لنظام السوق المالية ولوائحه؛ إذ كان ذلك الإعلان بمنزلة البداية لسلسلة من الأخبار السلبية التي أخذت بالتكشف تباعاً إلى حين أعلنت النتائج النهائية للعام المالي 2014، والربع الرابع من العام ذاته؛ إذ أظهرت الأرقام تغيراً كبيراً في الأرباح؛ إذ تحولت الربحية من 220 مليون ريال إلى خسارة وصلت إلى 913 مليون ريال؛ ما استدعى إعلان الهيئة إيقاف تداول السهم حتى تفصح الشركة عن أسباب الخسارة الكبيرة، ثم جاء الإعلان الإلحاقي من الهيئة، الذي تضمن وجود اشتباه في مخالفة المادتين (49) و(50) من نظام السوق المالية والفقرة (ج) من المادة (42) من قواعد التسجيل والإدراج بنهاية المرحلة الأولية». وأضاف السعيد: بناء على ذلك، وانطلاقاً من مسؤوليات الهيئة لحماية المستثمرين، صدر قرار تكليف فريق عمل متخصص، يتولى فحص القوائم المالية للشركة وجميع الوثائق الأخرى ذات العلاقة، والاستماع لأقوال جميع الأطراف المعنية؛ وذلك تمهيداً لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة، وبذلك تكون الهيئة قد قامت بواجبها تماماً، وحاصرت المشكلة. ولفت السعيد إلى أن هناك تساؤلات عدة، لا بد لها من إجابات مقنعة، وهي كيف تم إخفاء الخلل باحتساب الأرباح السابقة؟ وما دور المدقق المالي الخارجي في ذلك؟ وإذا كان الخلل في القوائم خلال فترات سابقة كيف استطاعت الشركة الانتظام بتوزيع الأرباح السخية حتى نهاية النصف الأول من 2014؟ ومن أين كانت تغطي مبالغ تلك الأرباح؟ وكيف ستواجه الشركة سداد الديون المجدولة سابقاً؟ وهل ستتم إعادة الجدولة بما يرضي الدائنين؟ كلها أسئلة تحتاج إلى إجابة. وأبان السعيد أن «موبايلي» لم تعد تلكلحسناء الجاذبة للمستثمرين، ولن تعود في الوقت القريب حتى تثبت تخلصها تماماً من كل تبعات ما حدث، وتبدأ رحلة النمو الحقيقي. وعلى الصعيد ذاته، أكد المحلل هشام الوليعي أن «موبايلي» تُعد من كبرى المفاجآت التي مرت على تاريخ سوق الأسهم؛ إذ كانت تعد من أبرز الشركات الاستثمارية ذات النمو العالي ومكرر الأرباح المنخفض، التي تجذب المستثمرين بقوة أدائها وربحيتها المتنامية.. ولعل من ينظر لقوائمها المالية في السابق سيعتبرها من شركات النخبة في السوق، لكن هذا الوضع لم يستمر إلا أعواماً عدة؛ إذ فوجئ المستثمرون والمحللون بأن الأرقام في القوائم المالية حبر على ورق، وأن الشركة كانت تسجل وتحتسب إيرادات غير محققة كأرباح. وقال الوليعي: من المفاجآت تأخُّر المراجع الخارجي وإدارة الشركة لإعلان إجراء بعض التقديرات المحاسبية والخلل والأخطاء التي كانت تتم لأعوام سابقة، ثم إعلان خسائر كارثية في ربحية الشركة، وتتوالى الأخبار السلبية للشركة بإعلانها مصاريف غير اعتيادية ومخصصات لقضيتها المفاجئة أيضاً مع شركة زين السعودية، وبعد ذلك يعلن المدقق أن الشركة غير قادرة على الوفاء بأحد ديونها لدى المقرضين، وارتفاع المطلوبات المتداولة لتصل إلى 15.3 مليار ريال بنهاية 2014, وهي أعلى من الموجودات المتداولة، وهذا يضع الشركة في محك حقيقي؛ لتواصل عملها ويستدعيها للتفاوض مع الدائنين لجدولتها.. وما زالت تتوالى المصائب على الشركة منذ نوفمبر الماضي حتى الآن، والخاسر الأكبر هو المستثمر الذي وضع أمواله ومدخراته في الشركة باعتبار أنها من الاستثمارات الجاذبة والموثوقة بناء على الأداء والقوائم المالية المجازة من إدارة الشركة والجهات المحاسبية والرقابية. وأضاف الوليعي: نرى في هذه القضية إيجابية تدخل الهيئة في التحقيق وإعلانها تكليف فريق عمل للتدقيق في سجلات الشركة، واستدعاء ما تراه من مختلف الأطراف للاستماع لأقوالهم، وأيضاً إعلانها الاشتباه في مخالفات عدة، أبرزها الإفصاح والتداول بناء على معلومات داخلية، وهو ما يضع مجلس الإدارة والإدارة المقالة في موضع المساءلة القانونية، وهذه تُعد سابقة إيجابية لهيئة سوق المال؛ إذ إن ذلك لا يعفي أيضاً حق المستثمرين في رفع دعوى قضائية على الشركة لتعويض خسائرهم؛ لكي لا تتكرر هذه المأساة في شركات أخرى كما حدث سابقاً لشركات عدة انهارت على مرأى الجميع بدون أسباب مقنعة.
وكانت «موبايلي» قد أعلنت أمس الاثنين تلقيها بتاريخ 1 مارس 2015 كتاباً من هيئة سوق المال بخصوص صدور قرار مجلس الهيئة المتضمن تكليف فريق عمل متخصص، يتولى فحص القوائم المالية للشركة وجميع الوثائق الأخرى ذات العلاقة، وزيارة مكاتب الشركة، والاستماع لأقوال جميع الأطراف المعنية، والحصول على نسخ من المستندات التي يرى الفريق أهميتها؛ وذلك تمهيداً لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة؛ إذ أكدت الشركة أمس التزامها بالتعاون الكامل مع الجهات المختصة في الإجراءات المتخذة، بما يكفل حماية مصالحها ومصالح مساهميها.