الدخان آفة.. ومرض اجتماعي ابتلي به الكثير من الناس شفاهم الله منه... ويبدأ البعض بتناول سيجارة.. مع جلساء ورفقاء السوء.. من باب المجاملة.. أو من باب التحضر كما يزعم البعض.. أو من باب التلزيم والعرض بإلحاح من الأصدقاء والزملاء لأن هذه السيجارة بها سر.. وربما يعتقد البعض أنها تساعد على نسيان الهموم والآلام وهذا فهم خاطئ ولعل المسلسلات التلفزيونية لها أكبر الأثر في دفع البعض إلى تعاطي شرب الدخان.. فنشاهد الممثل... أو ما يطلق عليه في الفيلم- اسم البطل (بطل الفيلم أو القصة) يسارع إلى تناول سيجارة عند تأزمه وقيامه ببذل مجهود في دوره في الفيلم.. بطبيعة الحال العارفون بهذه الأمور يدركون تماماً أن قيام الممثل أو البطل بالتدخين لعدة مرات أثناء دوره في عملية التمثيل.. يدركون أن هذه الأعمال يقوم بها مقابل أجر مدفوع سلفاً من قبل شركات التبغ المختلفة بهدف ترويج بضاعتها الخاسرة.. وبهذه الحركات الكثيرة من الممثل وتناوله لسيجارته ما بين وقت وآخر يتأثر منه الكثير من المشاهدين ومتابعي الفيلم لا سيما الشباب.
ولكن مهما طال الوقت فإنه لا يصح إلا الصحيح.. فالدخان آفة ومرض اجتماعي أصيبت به الكثير من الأمم وفشا بين شبابها.. وربما بين شيوخها وكهولها.. وأصبح عند البعض منهم عادة ملازمة له ملازمة الظل للإنسان وأصبحت علبة السجائر عند البعض شيئاً ضرورياً لا بد من وجودها داخل السيارة وبجانب السرير وفي جيب الثياب مع المفاتيح والنظارة والسبحة ومع اللوازم الضرورية التي يحرص على اصطحابها معه أينما حل وراح.
ونظراً لخطورة التدخين على صحة الإنسان المدخن والمجالس للمدخن لأنه يصيبه 30% من الضرر.. إلى جانب الرائحة العفنة التي تنتشر وسط ملابسه وداخل جوفه وتنبعث منه أثناء تنفسه أو عطاسه فيتأذى منها جليسه وبعض الناس هداهم الله يتناول التدخين بشراهة أثناء قيامه بقيادة سيارته ويغلق عليه النوافذ بإحكام ويكون بجواره داخل جوف السيارة أعز الناس إليه.. ربما والده أو والدته وزوجته وأطفاله.. فكأنه والحالة هذه يصمم على شمولهم بالضرر.. وفرض الأذى عليهم.. أعان الله كل مدخن على نفسه وأعان أسرته على تحمله وشفاه من هذا الداء الوبيل..
أعود فأقول إن منظمة الصحة العالمية قد تدارست الموضوع من كافة جوانبه.. ولهذا اتخذت عدة توصيات بهذا الشأن.. في طليعتها إلزام الشركات المنتجة للتبغ بوضع تحذير يكتب على كل علبة (الدخان يضر بصحتك) ولكن هذا التحذير يكتب مسبوقاً بعبارة (تحذير رسمي).. فهذا يقلل من شأنه ويجعل الكثير من المدخنين لا يأخذونه مأخذ الجد.. كما وأن الكثير من الدول أصدرت أوامر صارمة تحذر تناول التدخين داخل الطائرة في أثناء الرحلات.. وفي المكاتب والأسواق العامة وفي المطاعم.. فكان له أكبر الأثر في نفوس المدخنين وأشعرهم بخطورة التدخين وضرره الجسيم على صحة الفرد والمجتمع.. وأثبتت التجارب والتقارير الطبية أن نسبة كبيرة من المصابين بالأمراض المزمنة كالسل والسرطان.. والأمراض الأخرى التي تسبب الاختناق وضيق التنفس ناتجة عن التدخين وقد قامت الكثير من الدول بالإضافة إلى ما سبق من إجراءات وخطوطات لمكافحة التدخين.. قامت بتكوين وتشكيل جمعيات خيرية تسمى (جمعية مكافحة التدخين) وفتحت في بعض المصحات أقساماً خاصة لمعالجة وتوجيه المدخنين.. ومساعدتهم على ترك التدخين.. وأسفرت هذه الجهود وآتت ثمارها... وأقلع الكثير من المدخين وشعروا بالصحة والسعادة وبراحة البال.. وأصبحوا دعاة خير وعامل صلاح لنصح إخوانهم وأصدقائهم المدخنين.. هذه نصيحة محب.. يحب لإخوانه ولجميع الناس الصحة والسعادة والله الموفق.
- عضو مجلس منطقة الرياض