الأسياح - تركي الفهيد:
تمكن مختصون في علم الجيوموفولوجيا والاستشعار عن بعد بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، من رصد وتتبع أسباب الانهيارات الأرضية التي بدت تلوح في أرض الأسياح، بعد تحليل الخرائط والمرئيات الفضائية اللازمة، أعقبه عمل ميداني مكثف خلال الشهرين الماضيين.
وفي حديث خاص لصحيفة (الجزيرة) قال الدكتور أحمد الدغيري، استاذ الدراسات العليا ومختص الجيومورفولوجيا والجيومتكس ورئيس قسم الجغرافيا بجامعة القصيم, إن الفريق البحثي توصل إلى أن عين بن فهيد (الأسياح) تقع فى حوض طبوغرافي واسع، كانت تشغله فى الماضي السحيق بحيرة آسنة المياه Brackish Lake أو عدد من البحيرات، وحينما حل الجفاف بلعت الأرض ماءها وغيض الماء وجفت البحيرة، وتركت خلفها رواسب بحيرية Lacustrine Deposits إسفنجية رخوة تعم أرجاء الحوض.
وأضاف د. أحمد أنه عندما حل الأسبقون في هذه الأرض عمروها، ولكن لم يكن هنالك ضغط واضح على الموارد الأرضية.. الأمر الذي لم يكن فيه هنالك مجال لتطور الخفوس الأرضية بشكل واضح، لكن ما أن تم إشغال الحوض عمرانيا واستخدمت موارده المائية (العيون الفوارة والأفلاج) في مجال الاستخدامات المنزلية، وفي مجال العمل الزراعي، ونظرا للإفراط في استخدام الموارد المائية، وزيادة معدلات السحب نتيجة للتطور العمراني وزيادة رقعة النشاط الزراعي؛ حدث انخفاض فى مستوى الماء الأرضي، وانخفض معه الضغط البايزومتري؛ وتسبب ذلك فى حدوث تشققات في التربة، وكذلك حدوث هبوط أرضي (خفوس) في بعض المواضع ذات التكوينات الأكثر رخاوة وهشاشة. وقد شاهد فريق العمل في بعض مواقع الخفوس هبوط كتل كبيرة من الأرض بشكل منتصب دون أن يتغير وضعها، مما يعني أن ضغط المياه البايزومتري قد انخفض، وتسربت المياه من أسفلها، وكان ذلك سبباً فى هبوطها.
ويواصل الدكتور الدغيري، حديثه قائلاً: إن الفريق فريق العمل البحثي تمكن من رصد عدد من الشقوق التى تكتنف المنازل والمنشآت والأسوار، وهي شقوق متباينة الأحجام والأطوال والاتجاهات، وأعزى فريق العمل هذه الشقوق لنفس الأسباب سالفة الذكر. كما تبين أن الصرف الصحي في الأسياح عبارة عن حفر تسريب داخل الأرض، ومعلوم أن مياه الصرف الصحي مياه حمضية شديدة التفاعل مع الرواسب البحيرية القديمة؛ باعتبار أن تلك الرواسب غنية بالمواد العضوية Organic Sediments، ولهذا يحدث فى مناطق بيارات الصرف الصحي وفي محيطها تفريغ للرواسب التحتية بعد تحللها، وبالقطع يترتب على ذلك حدوث هبوط أرضي ينتج عنه شقوق وشروخ فى المنشآت والمباني المنزلية؛ وربما تحدث انهيارات في بعض المنشآت والمنازل (لا قدر الله)، إذا بلغت عمليات التحلل معدلات كبيرة.
وقدم الدكتور الدغيري، وفريق العمل عدة اقتراحات لذلك.. منها:
1- تخفيض معدلات سحب المياه وتقنين عملية السحب، وبصفة خاصة فى المزارع المقامة داخل حدود الحوض، خاصة أن دورة المياه Water Cycle تبدأ وتنتهى داخل الحوض.
2- توجيه نداء عاجل لبلدية الأسياح، والجهات المسؤولة بإنشاء شبكة صرف صحي تنتهى إلى محطة تجميع، على أن تقام بجوارها محطة تنقية لهذه المياه، ويرتكز هذا الاقتراح على سبب جوهري. كما يرمي إلى أهداف وأغراض، أما عن السبب فهو لمنع اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، خاصة أن مياه الصرف الصحي تصرف إلى بيارات تسريب أرضي، وفي نفس الوقت تستخدم مياه الصرف الصحي المنقاة فى الأغراض الآتية:
أ- تخصيص جزء من هذه المياه المعالجة لرشها على الكثبان الرملية المحيطة بالأسياح، لتثبيتها ووقف تحركها، وتقليل حدة العواصف الترابية والغبارية التي يتكرر حدوثها كل عام.
ب- استخدام مياه الصرف المعالجة فى زراعة أسيجة من أشجار منتخبة تصلح للعيش في هذه البيئة فوق خط الكثبان الأمامية المحيطة بالأسياح.
ج- عمل قنوات أرضية مكشوفة تفيض ناحية عرق البرقاء، لتقليل الضغط الحاصل على الطبقات التحت سطحية، وصرف المياه الزائدة ناحية البحيرات في نفود البرقاء.