الجزيرة - سعود الشيباني:
كشف المسؤولون بسجن المباحث العامة بالحائر عن تورط رجال أعمال سعوديين بدعم التنظيمات الإرهابية؛ إذ أكد المسؤولون وجود أثرياء موقوفين بالسجن على ذمم قضايا إرهابية، من أبرزها الدعم المالي للتنظيمات الإرهابية، مؤكدين أن هؤلاء سعوديو الجنسية، وتورطوا في عمليات دعم الإرهابيين بمبالغ مالية كبيرة، ووُجّهت لهم تهم دعم الإرهاب.
وبيّن المسؤولون بالسجن توقيف 24 سيدة في سجون المباحث العامة بتهم انضمامهن للتنظيم الضال، وتعود جنسياتهن لخمس دول، منها السعودية والأردنية والسورية والتونسية، وأعمارهن من 28 إلى 45 عاماً، ويحملن مؤهلات من الثانوية العامة إلى الجامعية، مؤكدين وجود وسائل ترفيهية للموقوفين، من بينها السماح للموقوفين من الرجال والنساء بمشاهدة 184 قناة فضائية.
وأكد مسؤولو السجن وجود متابعة دقيقة للموقوفين، وكذلك السجانة؛ إذ يتم مراقبتهم عبر كاميرات ترصد تجاوزات كثيرة من قِبل الموقوفين تجاه السجانة، خاصة التجاوز اللفظي.
كذلك بين مسؤولو مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة بسجن الحائر أنهم ناصحوا 2000 موقوف، وعقدوا 26 دورة علمية، استفاد منها 360 موقوفاً.
جاء ذلك خلال اختتام فعاليات ندوة الأمن والإعلام التي نفذتها المديرية العامة للمباحث بأكاديمية نايف للأمن الوطني، والتي تم خلالها تنظيم جولة على سجن المباحث العامة بالحائر، والالتقاء بعدد من الموقوفين على ذمم قضايا إرهابية.
وقد التقينا أثناء الجولة بعضاً من الموقوفين الذين رفضوا الإجابة عن سؤال إحدى الصحفيات بقولهم «نحن لا نتحدث مع نساء». وشملت الزيارة البيت العائلي، الذي افتُتح قبل 11 شهراً، واستفاد منه 20 موقوفاً بالمكوث مع زوجاتهم وأطفالهم من 24 إلى 72 ساعة، في جو عائلي يوفَّر فيه جميع الخدمات، بما فيها الأكل؛ إذ يسكنون بأجنحة فندقية تحت إشراف موظفات سعوديات.
وفي جولة لـ»الجزيرة» طلب 30 موقوفاً بالجناح المثالي من وزارة العدل التعجيل بإصدار أحكامهم وتمييزها على وجه من السرعة، كما طالبوا أيضاً بتطبيق الأحكام البديلة للسجن، وكذلك العفو عن بعض المدد؛ كونهم استفادوا من تجربة السجن، وأنهم نادمون على ما فعلوه. كذلك طالبوا بوضع السوار كونهم مصنفين من قِبل العاملين بالسجن أنهم من ذوي السيرة الحسنة والسلوك الحسن داخل السجن.
كما شملت الجولة زيارة المستشفى الأمني، الذي أُنشئ لخدمة الموقوفين، والذي يوجد به 25 طبيباً و70 ممرضاً، فيما كشفوا عن الانتهاء من مستشفى جديد تُقدر سعته بثلاثة أضعاف الموجود حالياً، وتم زيارة أحد الموقوفين، الذي يرقد في المستشفى، والذي كشف أن له قرابة 10 أعوام بالمستشفى بعد تعرضه لإصابة، نتج منها إصابته بشلل نصفي، إثر مواجهة مسلحة مع رجال الأمن.
وكشف المسؤولون عن السجن أنهم يقدمون خدمات طبية وإعاشة للموقوفين من أفضل الخدمات.
وكان الوفد الإعلامي الذي زار السجن قد اطلع على تقرير مفصل عن الجهود التي تقدَّم للموقوفين، من بينها وجود 5 سجون بالمملكة، تحتضن 3481 موقوفاً من جنسيات عدة، ويتم تعريف كل موقوف لحظة وصوله للسجن بنظام السجن وإجراءاته المطبقة، ويتم الكشف طبياً على الموقوف، كما يوجد بالسجن 10 قطاعات حكومية وشبه حكومية، من أبرزها هيئة التحقيق والادعاء العام والشؤون الاجتماعية ووزارة العدل وهيئة حقوق الإنسان والجوازات؛ وذلك لتقديم أي مساعدات مالية وغيرها للموقوفين، كما يصرف للموقوف 2000 ريال شهرياً ومبالغ مالية للوالدين وأبناء وزوجة الموقوف بعد دراسة وضعهم المالي، كما تم تسديد رسوم مدارس أبناء الموقوفين، وتسديد الإيجارات والديون؛ إذ تم تسديد 684 مليون ريال ديوناً على الموقوفين وذويهم.
وخلال الجولة سلمت إدارة السجن للوفد وثائق تؤكد تورط نساء في تنظيم القاعدة، وكان من ضمن القصص ما كشفته بصمة إحدى الزائرات لموقوف داخل سجن المباحث العامة بالحائر عن تفاصيل زواج بموقوف من سيدة متأثرة بالفكر التكفيري، إثر شكوى تقدم بها والد مواطنة للداخلية مدعياً خلالها أن ابنته تعرضت للمنع من مقابلة زوجها أكثر من مرة متهماً إدارة السجن بممارسة المنع التعسفي بحق ابنته، وبعد التحقيق كشف الفحص الفني للبصمات أنها عائدة لمواطنة تم القبض عليها فيما بعد بتأثرها بالفكر التكفيري، وكانت السيدة البالغة من العمر 41 عاماً، وحاصلة على بكالوريوس تربية إسلامية، قد تأثرت فكرياً بشخص تزوجت منه، ثم طُلّقت وتزوجت بالموقوف بعد اتصال بينهما بالهاتف، وقبلت به زوجاً لها، وقامت بمقابلته بالسجن، وأخذ فرصة زوجة الموقوف، وبعد انكشاف الأمر قام الموقوف بطلاقها، ثم ارتبطت بشخص ثالث قُتل في مداهمة أمنية لإحدى الشقق التي تقع بحي التعاون بالعاصمة الرياض بعد أن نفذ عدد من الإرهابيين عملية تفجير بالقرب من وزارة الداخلية.
وكانت المواطنة قد انغمست بأعمال التنظيم الضال بعد مقتل زوجها، فكانت تنظر لنفسها على أنها من نساء القاعدة من خلال الجهاد الإلكتروني، وأصبحت تزور مواقع لمنتديات مشبوهة، ثم واصلت خدمة التنظيم بما فيها كيفية تصنيع المتفجرات والسموم، وكيفية استخدام الأسلحة، وقامت بجمع مقاطع الفيديو للعمليات الإرهابية، وكانت تتعامل بحرص عند دخولها شبكة الإنترنت باستخدامها برامج التشفير المستخدمة من قِبل أعضاء التنظيم.
وفي سياق خدمتها للتنظيم قامت بإيواء مطلوبَين اثنين، ما زالا رهن التوقيف بعد القبض عليهما لتواصلهما مع التنظيم الإرهابي في اليمن، وتقديم الدعم المادي، والقيام بعملية إرهابية بالداخل.
وبررت فعلتها بأن ذلك يُعتبر من إغاثة المسلمين؛ إذ استأجرت لهما منزلاً، وكانت تقيم معهما لمدة شهرين في المنزل نفسه، فيما قامت والدتها بتحويل مبلغ 100 ألف ريال لأحد المطلوبين، الذي حاول الزواج منها أكثر من مرة ورفضت بحجة أن زوجته معه وهو يسكن في أفغانستان، كما استغلت دور تحفيظ القرآن الكريم النسائية وإقامة المحاضرات في جمع الأموال والحث على التبرعات العينية كالذهب، فيما دعمت التنظيم الإرهابي في اليمن إثر تواصلها عبر البريد الإلكتروني مع المطلوبة أمنياً وفاء الشهري، وتم تحويل مبلغ 900 ألف ريال على دفعات عدة لأشخاص مطلوبين.
وحاولت مع ابنتها الهروب لليمن إلا أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض عليها قبل تحقيق مطلبها، ووجهت لها 18 تهمة، وصدر حكم شرعي بسجنها 15 عاماً.
وفي سياق جولة «الجزيرة» على سجون المديرية العامة للمباحث بالحائر، كشفت معلومات عن مواطنة، تدعى «وفاء»، في العقد الرابع من العمر، وتحمل مؤهلاً علمياً (بكالوريوس في الدراسات الإسلامية) و(ماجستير في الفقه الإسلامي)، وكانت تعمل محاضرة في جامعة الملك سعود، تورطت في مسائل القتال في أفغانستان مبكراً، وبعلم أسرتها، وضغطت على أسرتها للزواج من مواطن كان من المشاركين في القتال الأفغاني في المرحلة الأولى، وبعد أن لاحظ زوجها تطرفها منعها من ذلك، إلا أنها طلبت منه الخلع، وقد تحقق لها ذلك بعد أن أنجبت منه طفلتين وولداً، ثم بدأت تركز نشاطها على متابعة مواقع الإنترنت المشبوهة والمشاركة في مواضيع القتال في الخارج (أفغانستان والعراق) حتى وصل بها الأمر إلى تأييد الأعمال الإرهابية في المملكة ومناصرة من يقوم بها. كما وهبت نفسها للمقتول «أبو مصعب الزرقاوي» زعيم تنظيم القاعدة في العراق لإعجابها به.
وكانت المواطنة قد تواصلت مع «أبو مصعب»، وطلب منها القدوم للعراق، وبدأت تحضر نفسها للسفر للعراق عن طريق سوريا، وبعد منعها من قِبل الجهات المختصة وإبلاغ ذويها بخلفية تواصلها مع عناصر تنظيم القاعدة، وتعهدهم بالمحافظة عليها، اختفت مع أطفالها دون علم والدهم، ومن ثم فرت لليمن، وبعده لسوريا، ثم للعراق، وتزوجت من «أبو مصعب»، ولقيت مصرعها بعد مصرع الزرقاوي.
وفي قصة أخرى لمواطنة تُدعى (س.م)، فقد خلعت نفسها من مواطن بعد أن أنجبت منه ثلاثة أطفال مقابل تعويض مالي؛ لتتزوج من أحد عناصر الفئة الضالة المطلق سراحه، الذي نجح في ترسيخ فكر التنظيم لديها والتخطيط للسفر إلا أنها طلبت منه الطلاق لاكتشافها خيانته لها، فقام بدوره بالتوسط لدى شخص من ذوي الفكر المتطرف (أفغاني الجنسية وأعمى ومبتورة إحدى ساقية) للإصلاح بينهما إلا أنه زاد الخلاف بإبلاغها أن زوجها يخونها، فحصلت على الطلاق، وعرض عليها الزواج فزوجته نفسها بعده، وهربت مع مواطن سعودي مستغلاً جواز سفر زوجته، وغادرت إلى إيران جوًّا بدون محرم، وبعده تم تهريبها عبر الحدود الإيرانية - الأفغانية حتى وصلت لمنطقة قبائل الباكستانية، وبعد زواج ست سنوات رُزقت خلاله بطفل هربت مع شخص أفغاني تعرفت عليه، ثم استخرج لها وثائق مزورة قدما بها للمملكة بهدف الحج، وتم القبض عليهما برفقة زوجها الأفغاني.