تعد مهنة التعليم رسالة عظيمة ورفيعة الشأن عالية المنزلة تحظى باهتمام جميع أفراد المجتمع، لما لها من تأثير عظيم في حاضر الأمة ومستقبلها، ويتجلى سمو هذه المهنة ورفعتها في مضمونها الأخلاقي الذي يحدد مسارها المجتمع، ونتائجها التربوية والتعليمية وعائدها على الفرد والمجتمع والإنسانية جمعاء.
إن هذه المهنة تتضمن ما يشعر به كل معلم، أنه يتعين عليه مراعاته في أداء رسالته وقيامه بعمله قِبل أبنائه الطلاب وزملائه العاملين في الميدان التربوي، فالمعلم الناجح هو الذي يأسر قلوب طلابه بلطفه، وحسن خلقه، وحبه لهم، وينال احترامهم بتمكنه من مادته التي يعلمها وببراعة إيصالها إليهم. والمعلم المحب لعمله يخلص له، ويجد المتعة فيه وتهون عليه الصعاب والطالب يحترم معلمه، لما يجد فيه من قدوة حسنة، وعلم راسخ، وحكمة ورفق، ورسولنا المعلم محمد بن عبدالله يقول: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه».
وبحب الطالب للمعلم يحب المادة ويستسهل صعبها ويتألق فيها، فينظر المعلم كيف يدخل إلى قلوب أبنائه ليؤدي المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه.
ومن هنا فالمعلم في المملكة العربية السعودية ينتمي إلى بلد شرفه الله بأنه منطلق رسالة الإسلام، كما شرفه بخدمة الحرمين الشريفين.
المعلم يعتبر أحد العناصر الأساسية والمهمة للعملية التعليمية التعلمية، فبدون معلم مؤهل أكاديمياً ومتدرب مهنياً يعي دوره الكبير والشامل لا يستطيع أي نظام تعليمي الوصول إلى تحقيق أهدافه المنشودة. ومع الانفجار المعرفي الهائل ودخول العالم عصر التكنولوجيا والاتصالات والتقنية العالية، أصبحت هناك ضرورة ملحة إلى معلم يتطور باستمرار متمشياً مع روح العصر؛ معلمٍ يلبي حاجات الطالب والمجتمع.
إن الحاجة ماسة لتدريب المعلمين على مواكبة التغييرات والمستجدات المتلاحقة، ولتحقيق ذلك تتبنى بعض الدول مفهوم «التعلم مدى الحياة»، هذا المفهوم الذي جعل المعلم منتجاً مهنياً للمعرفة، ومطوراً باستمرار لكفاياته المهنية.
مهام المعلم من المهام المتعارف عليها، لكن التقدم الذي أحرزه المعلم في مجال التميز التعليمي، أدى إلى تحقيق الأهداف التربوية المرجوة منه.
المعلم اليوم ليس كمعلم الأمس، ففي مقابل ما يبذله من جهد جسدي وفكري، وحرصه على انتفاع الطلاب، فإن كل ذلك يقابل بكثير من وسائل التيسير التي خففت عليه أحمالا كثيرة كتعدد وسائل التعليم والتيسير التكنولوجي، وسبل التواصل مع أولياء الأمور بكل سهولة عبر برامج التواصل الاجتماعي وغيرها مما يساعده في إتمام تقديم هذه المهنة بكل يسر وسهولة،
وإن الرسالة الكبرى للمعلمين تتطلب جهداً كبيراً في تنمية معلوماتهم واكتساب مهارات متنوعة ليتمكنوا عن طريقها من التأثير على من يعلمونهم وخلق التفاعل الإيجابي بين الطلاب ومعلميهم فعلى المعلمين أن يكونوا قدوة حسنة في سلوكهم وأخلاقهم وأداء رسالتهم من أجل خلق جيل متعلم واع مفكر مبدع ومميز.
المعلم المؤمن برسالته حتى يكون عنصراً فاعلاً في عملية التغيير الاجتماعي الذي نسعى إلى تحقيقه: الإخلاص في العمل والولاء للمهنة والالتزام بها والاهتمام بنمو طلابه من جميع النواحي المختلفة.
التعليم رسالة وليس مجرد مهنة: يعي المعلم دوره ويتحرك بدافع ذاتي داخلي مدركاً لرسالته ويسعى لتحقيقها.
إن رسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات، وأمانة من أعظم وأثقل الأمانات، لأن المعلم يتعامل مع النفس البشرية التي لا يعلم إلا الله بُعد أعماقها واتساع آفاقها، فالمعلم يحمل رسالة سامية يعد فيها جيلاً صالحاً مسلحاً بالعلم والمعرفة.
ولقد صدق الشاعر عبدالغني أحمد الحداد في قصيدته «رسالة المعلم»، حيث خاطب المعلم صاحب الرسالة قائلاً:
تحيا وتحملُ للوجودِ رسالةً
قُدُسِيَّةً يسمو بها الأطهارُ
ما أنت إلا النبعُ فيضُ عطائِهِ
خيرٌ يفيضُ وهاطلٌ مِدرارُ
يكفيكَ فخراً ما صَنَعْتَ على المدى
تَشْقَى وَغَيْرُكَ مُتْرَفٌ مِهْذَارُ
يُعطي الكريمُ وأنْتَ أكرمُ
مانحٍ هيهاتَ لَيْسَ تُثَمَّن الأعمارُ
هذِي الحضاراتُ التي تزهو بها
لولا المعلمُ هَلْ لها إثمارُ؟!