الرياض - سلمان العُمري:
تزخر بلادنا - ولله الحمد - بالعديد من الجمعيات الخيرية؛ فلا تكاد تخلو قرية من القرى - فضلاً عن المدن - من جمعية من الجمعيات، تؤدي أعمالاً خيرية متخصصة في مجال محدد أو مجموعة من الأنشطة والبرامج.
وعلى الرغم من كثرة الجمعيات والمؤسسات الخيرية المتنوعة لدينا، وكثرة أعمالها، والتفاعل معها من قبل المحسنين، وقبل ذلك المتطوعون الذين نذروا أوقاتهم وأبدانهم في العمل التطوعي، إلا أن العمل الخيري في مجمله يسير على وتيرة الاجتهاد الفردي والحماس الشخصي، سواء على مستوى جمع التبرعات، أو على مستوى الأداء.. ويتباين النتائج والعطاء - بعد توفيق الله - وفقاً لقدرات بعض العاملين. وقد نرى أعمالاً ناجحة وذات مردود إيجابي كبير على الرغم من قلة إمكانية هذه الجمعية، في حين أن هناك جمعيات (كبيرة) في اسمها وكثرة مواردها لكنها قليلة في عطائها وبرامجها، إن لم تكن تنوء بمشكلات إدارية ومالية وخلافات بين العاملين. والمال لا ينقص بعض هذه الجمعيات الخيرية بقدر ما ينقصها الفكر وتطويره، ويسيطر عليها العمل التقليدي الذي لا يرغب البعض في تغييره، ودفعه إلى الأمام بشكل يواكب التطور.
ومن الأسباب الرئيسة في إخفاق بعض المؤسسات أن أعمالها مرتبطة بأسماء أفراد، وليس لديها عمل مؤسسي منظم. وإلى جانب ذلك، فإن العاملين في معظم الجمعيات الخيرية من متطوعين أو متفرغين من غير المتخصصين في مجال العمل الخيري؛ فهم لا يحملون شهادات دراسية في هذا المجال الحيوي المهم، بل إن من يحمل شهادات علمية متخصصة في مجال إدارة العمل الخيري يعدون على الأصابع، وحتى من تلقوا دورات تدريبية متخصصة تلقوها من مدربين غير متخصصين في هذا المجال.
وفي هذا البلد المبارك المعطاء (المملكة العربية السعودية) يحظى العمل الخيري والإنساني بعناية فائقة، وفي قائمة المهتمين بهذا الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وهذا الأمر ليس بمستغرب؛ فقد عُرف عنه مواقفه الإنسانية الخيرية لأبناء هذه البلاد وللشعوب الإسلامية والعربية والصديقة حينما تحل بها الكوارث والمحن والأزمات.. وكم من لجنة شعبية لدعم الشعوب والدول قد ترأسها، وكم من جمعية خيرية أسسها أو أسهم في دعمها وشد من أزرها وعاضد القائمين عليها.. كل هذا يأتي من منطلق واجبات دينية ووطنية، والتزاماً لما أمر الله تعالى؛ إذ قال: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}. ولما عهدناه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - من عناية واهتمام بالعمل الخيري، ومساندته للقائمين عليه، فإني آمل أن يتحقق تطوير العمل الخيري في بلادنا على يد رائد الخير والبر والعطاء من خلال هذه المقترحات:
أولاً: إنشاء كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات العمل الخيري، ويلحق بإحدى الجامعات السعودية، ويهدف إلى تطوير العمل الخيري من خلال الدراسات والبحوث العلمية المتخصصة، وتطويرات قدرات العاملين في الجمعيات والمؤسسات الخيرية وتنمية وعي المجتمع بأهمية العمل الخيري، وتبني تراجم الكتب المتخصصة في هذا المجال، ودعم الباحثين والمؤلفين في نشر نتاجهم العلمي الخاص بمجال العمل الخيري، وعقد الندوات والورش المتخصصة في العمل الخيري.
ثانياً: إنشاء مؤسسة خيرية تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، وتُعنى بتأهيل الكوادر العاملة في المؤسسات الخيرية وتطوير قدراتها، وتقديم الدعم الفني للمؤسسات الخيرية في مجال هيكلة العمل المؤسسي داخل المنشأة الخيرية، وتقديم الاستشارات لهذه المؤسسات.