صدر العدد الحادي عشر من مجلة سيسرا الثقافية عن أدبي الجوف، حاملاً معه العديد من المواد الإبداعية والمقالات والدراسات وقراءات الكتب، ومحملاً بملف خاص عن الذات أو الآخر في عين الذات للباحثة والقاصة السعودية أسماء مقبل الأحمدي، وملفًا آخر حول الأدب السعودي ودوره في تعزيز الوطنية من تقديم الدكتور إبراهيم الدهون.
وقد استهل رئيس مجلس إدارة نادي الجوف الأدبي الثقافي ورئيس التحرير الأستاذ ثامر بن عودة المحيسن افتتاحية العدد بتهنئة زفّها لوزير الثقافة والإعلام الجديد الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخضيري، داعيًا له أن يقود القافلة بإبداع إلى مسارها الناجح وأن تنتقل الأندية الأدبية على يديه انتقاله فارقة تعيدها إلى مصاف الريادة المنشودة. وتطرق المحيسن إلى الدعم اللا محدود الذي يأتينا من المهتمين بدنيا الثقافة وعالم الأدب حتى لا نبالغ إذا قلنا إن هذا الدعم يمثل لنا وقودًا يحركنا للعمل والإنجاز ويضعنا في خندق المجاهدين من أجل الحفاظ على شمعة الثقافة مضاءة على الدوام.. وأضاف المحيسن: إن الجزئية الثانية من رؤيتنا عن قرب لإبداعات أبناء الجوف وقدرة أقلامهم على تسطير الروائع على الورق, هذا الحلم كبر في داخلنا بعدما رأيت الزخم الثقافي العالي الذي تباينت فصوله ما بين القصة والشعر والرواية.
وفي مجال الدراسات والنقد قدم لنا د. الحبيب الدائم ربي دراسة نقدية عن الكتابة عبر الكتابة في مجموعة «البلح المر» للكاتبة دامي عمر, فيما قدم د. حسن المودن «محكي الانتساب العائلي» في الكتابة النسائية المعاصرة, وقدم د. عبد الله السويلم قراءة في «رؤى اجتماعية» للكاتبة فهدة الحسن, وختم ملف الدراسات النقدية الأكاديمي اليمني د.عبد الحميد الحسامي بدراسة حول جدلية المدينة والريف في ديوان «إنفلونزا المدينة» للشاعر المحسني. كما تنشر سيسرا مواجهة مع الشاعر العراقي يحيى عباس السماوي الذي عمل في التدريس والصحافة في كل من العراق والمملكة العربية السعودية، ثم هاجر إلى أستراليا عام 1997م ويقيم حاليًا فيها وصدرت له (24) مجموعة شعرية توزعت بين شعر العمودي والتفعيلة والنثر الفني، كما حاز ديوانه «قلبي على وطن» على جائزة الملتقى العربي في أبها عام 1992م وديوانه: «هذه خيمتي.. فأين الوطن» على جائزة الإبداع الشعري برعاية جامعة الدول العربية, يقول السماوي: إن القارئ الجيد هو بمثابة كاتب آخر للنص، أحيانًا أتمنى عمرًا آخر فيكون لي عمر نوح كي أزرع ما يمكن من الزهور في حديقة المحبة الكونية، وأحيانًا أتمنى لو أن لي عمر فراشة لأغفو إغفاءتي الأخيرة فأستريح، وكثيرًا ما أجلس مثل شحاذ على رصيف الأبجدية مستجديًا أن تتصدق عليّ ولو ببيت شعر فتأبى.. كما نشرت سيسرا حوارًا آخر مع القاصة والروائية المغربية حنان درقاوي.
وفي دفتر الشعر الذي حوى روائع الشعراء الدكتور صالح الزهراني والدكتور ناصر شبانة ومحمد يعقوب وأحمد اللهيب وعبد الله العريمي وعبد الله المتقي والشاعرة والدكتورة أمل برزنجي وبديعة كشغري وشيماء حسن وليلى بارع وفاطمة الزهراء أمسكين.
وفي دفتر السرد والنصوص الإبداعية كتب المبدع السعودي المعروف عبدالحفيظ الشمري نصوصاً سردية وشاطره الإبداع تركي الماضي بحلم طائرة ورقية، فيما قدمت بلقيس الملحم آخر الرغبات واختتمت الأكاديمية الأردنية مريم جبر ملف دفتر السرد بنصوص قصصية قصيرة.
وفي ملف رؤى ومتابعات يُؤبن الأكاديمي الأردني إبراهيم الكوفحي المحقق الأديب الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين - غفر الله له - الذي حقق التراث في مرحلة باكرة من حياته العملية، وقد ظلت هذه الصناعة شغله الشاغل حتى ساعة منيته.. وفي سيرة كرسي ثقافي (تأصيل وتفصيل) ينقلنا مدير تحرير الشؤون الثقافية بجريدة الجزيرة الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن التركي إلى الوقوف في إحدى الضفتين المتقابلتين، حيث تختزن الذاكرة أحلام البدايات وإرهاص النهايات لنتمنى لحظة استرخاء لا تقطعها دقات الساعة معلنة موعدًا مع الركض الذي لا يأبه بالفرض، ولا يلتفت للرفض توطئة سيرة لمسيرة آن أن تكتب بعدما تبدلت الأحوال بين الأجيال، حيث كثرت المحرمات فازداد المنتهكون، وحضرت الرفاهية فعرض المحرومون وانتشر العلم فتخرج جاهلون، وأضاف التركي في سيرة كرسي ثقافي: لم يكن الزمان بريئًا كما لا زمن متواطئ ولكنها تعقيدات الحياة وتشابكاتها.. في الحكايات شخوص ونصوص ونفوس ودروس يربط بينها شاهد حاضر وآخرون غائبون ومنتظرون.. بينما كتبت مديرة تحرير مجلة المعرفة الأستاذة أسماء العبودي عن «أزمة الفكر الملتزم» الذي وصفته بأنه يواجه حاليًا الكثير من المغريات الحياتية ولكن حالة «الالتزام» تتسلل إلى حياته وتستولي على منافذ التفكير من خلال الشعور بالمسؤولية الكبيرة التي يحملها تجاه نفسه وتاريخه وضميره وقناعاته، وتضيف العبودي: قد يتبادر كثيرًا لدى البعض أن صفة: «الالتزام» لدى المفكرين تعني دائمًا مواجهة الأنظمة أو السلطات ولكن هذه الصورة ليست حقيقية على الدوام. فيما تناولت الكاتبة والناقدة أحلام فهمي «أبعاد تقدمية اللغة العربية»، وفي نوافذ الترجمة كتبت الأديبة والمترجمة المغربية د. مينة قسيري عن أشكال التواصل.
وفي الصفحة الأخيرة من المجلة يكتب مدير تحرير سيسرا الأستاذ محمد هليل الرويلي عن إصدارات الأندية الأدبية والملاحق الثقافية وراقصة الملاهي الليلية، حيث يصف أن صحافة الأدب والرأي الثقافي وما تتضمنه من مفردات وارفة الظلال بليغة المعنى شديدة الحسية والتأثير المساحة الأكثر مصداقية وتغييرًا في الرأي الشعبي، لما عُرف عن الرموز الأدبية ورجالات النخب المثقفة من مصداقية قلَّ مثيلها وندر وجودها وعلى الرغم مما تمنحه جائزة الصحافة العربية لأفضل مقال أو تحليل أو نقد يتناول (القصة, رواية, نقد, شعر, سينما, مسرح, موسيقى, فنون تشكيلية) لخلق مشهد ثقافي عربي مؤثر وبرغم ما نملكه من قلم ومحبرة إلا أن الجماهير العربية على مدرجات «كرة القدم» تهتف لفريقها وفي ميدان مزايين الإبل تمشي وراء أذناب إبلها، وآخرون يكتبون ويكتبون ولكن أين؟.. على شريط قناة فضائية تحت أقدام راقصة حسناء في ملهى ليلي تمارس غوايتها لمثقفي الشريط الفضائي العربي.
الجدير بالذكر أن مجلة سيسرا الأدبية مجلة فصلية تصدر كل أربعة أشهر عن النادي الأدبي الثقافي بالجوف، وتحظى بمتابعة واسعة ومكانة مرموقة بين أوساط المثقفين، ودعت أسرة التحرير الكتّاب والمثقفين والنقّاد للكتابة في العدد الجديد الذي سيصدر بشهر مارس على إيميل مدير التحرير.