أحد أهم وأبرز عيوب الكتب التي تتناول قصص الإبداع وتسلق هرم النجاح هي اعتمادها على قصص وتجارب من ثقافات أخرى غير المجتمع المحلي، مما يفقدها الكثير من روح التطبيق واستمثار التجربة في بلادنا؛ إلا أن كتاب «52 تكا تكا» لمؤلفه الكاتب الشاب عبدالرحمن بن سلطان السلطان استطاع تجاوز ذلك بأن ضمّن كتابه الجديد تجارب ملهمة لشباب وشابات سعوديين من واقع البيئة المحلية.
فالكتاب مثلاً يتناول تجربة الطبيب والصيدلي في آن واحد الدكتور سامي اليامي، أو مهووس الألعاب الإلكترونية الشاب «مشهور الدبيان»، بل حتى «غسان حيدري» الذي ترك فرصة دراسة الهندسة الطبية في كندا ليتفرّغ لدراسة علوم الطهي وليحقق شغف حياته بأن يكون شيفاً! أما على المستوى العالمي فيتناول الكتاب عددا من التجارب المبهرة غير الشهيرة مثل فنان المؤثرات الخاصة «راي هاريهاوزن» الذي بدأ مشواره في صناعة السينما منذ الثانية عشر من عمره، أو «ستيفن كينج» الذي تربع على عرش روايات الرعب والإثارة دون مساعدة من أحد، وغيرهم من التجارب والحكايا التي سردت بإسلوب شيّق كما هو أسلوب الكاتب والقاص السلطان، وهو الحاصل على عدد من الجوائز في مجال القصة القصيرة على مستوى المملكة ومستوى الخليج العربي.
تمتمد رحلة الكتاب الممتعة لتتجاوز الحديث عن التجارب الناجحة بالمرور على تلكم الفاشلة أيضاً! وذلك لأخذ العبرة والاستفادة من أخطاء الماضي، دون إغفال أركان ومراحل النجاح التي يمررها الكتاب في ثنايا مقالات الكتاب، كما يتناول الكتاب أحداثاً وقصصاً لم ترتبط بأشخاص بعينهم بقدر بما ارتبطت بمجتمعات أو مدن لم ترض إلا بما يرفع من قدرها، أو على الأقل يحل مشاكلها بشكل مبتكر وحديث، وهو في الحقيقة جوهر الكتاب وهدفه الأساسي، وذلك أننا نحن من يصنع الفرق ونحن القادرون على الوصول إلى قمة النجاح؛ فقط متى آمنا بذواتنا وبقدرتنا على تحقيق ما نريد.
كتاب «52 تكا تكا» صدر عن دار مدارك للنشر في 217 صفحة من القطع المتوسط، وهو مليء بالصور المرافقة والشواهد التي تجعل قراءة الكتاب متعة لا توصف.