الشارقة - خالد المشاري:
شهد سمو الشيخ عبد الله بن سالم القاسمي نائب حاكم الشارقة، صباح أمس جلسة الحوار التي أقيمت مع الأخضر الإبراهيمي المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ضمن فعاليات اليوم الثاني من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2015، وذلك بحضور الرئيسة ألين جونسون سيرليف، رئيسة دولة ليبيريا، والرئيس ميشال سليمان، رئيس الجمهورية اللبنانية السابق، وجوليا جيلارد، رئيسة وزراء استراليا سابقاً.
وأشار الأخضر الإبراهيمي الدبلوماسي الجزائري والمستشار الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة «2004 - 2005 خلال الحوار إلى أن عدم التوصل إلى حل الأزمة في وسوريا بعد مرور سنوات على نشوبها يعود بشكل أساسي إلى الخلافات الدولية التي تعطل كافة الجهود المبذولة لجمع أطراف النزاع على طاولة الحوار ودفعها نحو التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب السوري».
وفي الجلسة، استعرضت مديرة الجلسة الإعلامية راغدة درغام مديرة مكتب صحيفة الحياة في نيويورك، تجربة الإبراهيمي في العمل الدبلوماسي ومساعيه لنشر السلام وحفظ الأمن التي تمتد لأكثر من 40 عاما إلى جانب رؤيته المعمقة حول العلاقات الدولية والصراعات وحل النزاعات. حيث أكد الدبلوماسي الأممي السابق أن تجربة الانتقال السياسي في جنوب أفريقيا والإشراف على الانتخابات التي أنهت نظام التمييز العنصري وجاءت بمانديلا رئيساً تعد من أكثر التجارب الثرية في تاريخه المهني، كما أشار الإبراهيمي إلى أن المحطة اللبنانية وتحديداً بلورة اتفاق الطائف التي أنهت 15 عاماً من الحرب الأهلية كانت واحدة من أهم التجارب السياسية التي رأى ضرورة اطلاع العالم عليها.
وقال في هذا الصدد: «أنا معجب بشكل كبير بلبنان وأهله وما قام به الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان خلال فترة توليه مقاليد السلطة، مع كل التعقيد في المشهد اللبناني. واليوم يتحمل هذا البلد عبء استضافة ما يزيد عن 2 مليون لاجئ سوري وهو عدد كبير يقدر بنصف عدد أفراد الشعب لبنان، ولا أعتقد بأنه يوجد بلد في العالم يستطيع تحمل مثل هذا العبء، ورغم الانقسام الذي يعيشه لبنان فإنه لا يزال واقفا على قدميه ويمضي في محاولة إيجاد الحلول التي تكفل استقراره وهو أمر يشاد به».
أما عن التحديات التي تواجه عملية الاتصال بين الحكومات والجمهور على الصعيدين العالمي والعربي في ظل الأحداث المتتالية والتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم اليوم، أشار السفير الإبراهيمي إلى أن التحدي الأكبر يتجسد في تنمية القدرات والوسائل التي تتيح للحكومات والمؤسسات الإعلامية التعاطي مع المستجدات، وللدلالة على ذلك، تحدث الإبراهيمي عن تنامي المواقف المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في الشارع الأوروبي، وأضاف أن على الحكومات والمؤسسات الإعلامية العربية أن تتعاون مع منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية المستقلة وتشكيل هيئات قادرة على رصد هذه التغيرات والعمل على تطويرها. وأشار إلى أن التواصل بين الشعوب لخدمة القضايا الإِنسانية الملحة يساعد الحكومات والجهات المعنية في صياغة حلول مناسبة لهذه القضايا.
وحول نظرته المستقبلية لتواصل الحكومات مع الجمهور وما تلعبه منظومة الاتصال الحكومي في بث المفاهيم الإيجابية وتركيز الاستقرار السياسي في المنطقة قال الإبراهيمي: «إن قدرة الحكومات العربية على التواصل مع شعوبها والخارج مخيبة للآمال وليست بمستوى الطموحات، وهناك العديد من البلدان العربية التي هي اليوم بأمس الحاجة لتكاتف الجهود بين حكوماتها وشعوبها، والحقيقة أن جل حكومات المنطقة العربية عاجزة عن التعامل الإيجابي مع الشعوب. وهو الأمر الذي يدفعني لإبداء إعجابي وتقديري للدور الرائد الذي تقوم به حكومة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة في مجال تعزيز منظومة الاتصال الحكومي بالشكل الإيجابي الذي يجب أن يكون عليه، واعتقد بأنه لا يوجد اليوم نموذج حيوي كالمنتدى الدولي للاتصال الحكومي على مستوى المنطقة والعالم، وأتمنى أن تنتهج حكومات المنطقة سياسة تتبنى من خلالها الانفتاح الإيجابي مع وسائل الإعلام وتطبيق الطرق الأمثل للتعامل البناء معها».
وبسؤاله عن نجاعة التدخل العسكري لحل الأزمات أجاب الإبراهيمي : «إن التجربة في هذا السياق أثبتت عدم قدرة القوة العسكرية على حل المشكلات الداخلية، وأضاف، لقد رأينا أن نتائج التدخل العسكري كانت عكسية ولم تسهم إلا في المزيد من الخراب وتسببت في زيادة المعاناة للشعوب كما هو الحال في تجربة التدخل العسكري في العراق».
وتطرق المبعوث الأممي السابق إلى الوضع المصري وأشاد بالموقفين الإماراتي والسعودي الداعمين لاستقرار مصر وتمكينها من العودة لدورها الرائد على مستوى المنطقة، وفي هذا الإطار قال الإبراهيمي: «مصر تستحق المساعدة وتكاتف الجميع لدعمها، وكل الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على المواقف المشرفة من دعم الجهود المصرية للعودة إلى الساحة العربية ودورها الإقليمي الحيوي. وهنا يجب التنويه أيضاً بأن المساعدات العربية لمصر لا يمكن أن تكون بديلاً لإمكانياتها الذاتية والتي يجب أن تعمل القيادة المصرية على تنميتها بأسرع وقت ممكن في سبيل استعادة دورها ومكانتها. ولا يختلف اثنان في المنطقة على أن مصر دولة محورية وأساسية ولا يوجد دولة عربية تستطيع أن تأخذ مكانها في منظومة العمل المشترك، حيث إن لديها من المميزات ما يجعل لها خصوصية وتفرد وعلى رأسها تعداد الشعب المصري من جهة وموقعها الجغرافي الرابط بين قارتي آسيا وإفريقيا، وخلال السنوات الماضية شعرنا بأن غياب مصر خسارة للعرب والجميع تمنى عودتها سريعاً إلى المشهد العربي».
واختتم الإبراهيمي حديثه بالتأكيد على ضرورة نبذ الخلافات بين الدول الفاعلة في المنطقة بما يساعد على التوصل إلى صيغ مناسبة للحوار والتفاهم وتعزيز قدرتها في حل القضايا المعلقة. وتساءل الإبراهيمي عن جدوى أي جهود دولية أو إقليمية إذا لم تكن منسجمة وموحدة في الرؤية والنوايا.
ويعرف الأخضر الإبراهيمي بتجربته التي تمتد لأكثر من 40 عاما في العمل الدبلوماسي، ومساعيه لنشر السلام وحفظ الأمن إلى جانب رؤيته المعمقة حول العلاقات الدولية وحل النزاعات، وقد لمع اسمه عام 1989عندما تولى مهمة المبعوث الخاص للجنة الثلاثية لجامعة الدول العربية، ليتوسط اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان. وفي أحدث مهماته الديبلوماسية، عُيّن الإبراهيمي كمبعوث للأمم المتحدة إلى سوريا بعد استقالة كوفي عنان، كما كان مبعوثاً للأمم المتحدة في العراق، وعلى عدة فترات كمبعوث خاص وممثل خاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان. وقبل ذلك، تم اختياره كممثل خاص إلى هايتي وكممثل خاص إلى جنوب أفريقيا.
وكان الإبراهيمي قد شغل في السابق منصب وزير خارجية الجزائر في الفترة من 1991 إلى 1993، ومنصب المقرر في مؤتمر الأمم المتحدة لعام 1992 المعني بالبيئة والتنمية بين عامي 1984 - 1991، كما شغل منصب وكيل الأمين العام لجامعة الدول العربية. كما شغل منصب المستشار الدبلوماسي لرئيس الجزائر في الفترة 1982 - 1984، وسفير الجزائر إلى المملكة المتحدة ومصر والسودان، وكذلك الممثل الدائم لدى جامعة الدول العربية في القاهرة بين الأعوام 1963 - 1970.
وكان قد حضر الجلسة الأولى لليوم الثاني الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي، والشيخ محمد بن عبد الله آل ثاني رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية وسعادة اللواء حميد محمد الهديدي قائد عام شرطة الشارقة، وسعادة عبد الله بن سلطان العويس رئيس غرفة التجارة والصناعة بالشارقة، وسعادة طارق سلطان بن خادم رئيس دائرة الموارد البشرية، وسعادة هنا سيف السويدي رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية، وسعادة محمد عبيد الزعابي مدير عام دائرة التشريفات والضيافة، وسعادة خالد عمر المدفع مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام، ومحمد ذياب الموسى المستشار في الديوان الأميري، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية والقيادية ورؤساء ومديري الدوائر الحكومية في الدولة وحشد من الاعلاميين والأكاديميين والخبراء وطلبة الاتصال من مختلف جامعات الدولة.
ويقام المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2015 تحت شعار «خطوات محددة.. نتائج أفضل» في مركز إكسبو الشارقة في الفترة بين 22 و23 فبراير، ويعد المنتدى الذي يقام سنوياً تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الأول من نوعه على مستوى المنطقة، ويستقطب كبار الشخصيات السياسية والإعلامية من قادة الفكر والرأي من جميع أنحاء العالم، ويساهم بشكل فعال في طرح معلومات متميزة في مجال الاتصال الحكومي لتصبح في متناول الباحثين لتزودهم بالمعرفة في مجال الإعلام في المؤسسات الحكومية.