نتداول فيما بيننا وبكثرة مفرطة في هذا الزمان الرسائل الدينية والمقاطع الوعظية عبر ما يسمى بالوتساب، وهذا شيء طيب وفعل حسن ويندرج تحت مظلة التواصي بالحق، إلا أنه يقع أيضاً في دائرة الوعيد الشديد يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}، كبر بمعنى عظم وزاد ومقتاً تمييز بمعنى غضباً وبغضاً، فانظر أخي الحبيب يا رعاك الله هل أنت تفعل ما ترسله أم لا؟ (بل الإنسان على نفسه بصيرة).
لا خلاف على أجر النصيحة ومع إيماني الكامل ويقيني التام بأن الدال على الخير كفاعله ولكن نفسك أولى وأجدر بهذا الخير من الغير والحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها. وقلت ما قلت من صدمة عظيمة من واقعنا المرّ فأين التطبيق؟ وإلى متى ونحن نقول ما لا نفعل؟
نعم، إن (الدين النصيحة) ولكن في المقابل يجب علينا جميعاً ألا ننسى كذلك أن (الدين المعاملة) فيا ليت قومي يعلمون.
إني هنا لا أدعو إلى الكف عن التناصح أو القعود عن الوعظ معاذ الله أن أدعو إلى مثل هذا، بل على النقيض تماماً أدعو إلى التواصل في التواصي بالحق فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه والكلمة الطيّبة صدقة وإني لأشحذ الهمم للاستمرار على الاستخدام الأمثل لهذه المخترعات العصرية عن طريق الوعظ والنصح وفي الوقت نفسه أدعو إلى عرض هذا الخير على النفس وتقديمها على ما سواها بالتذكير والنصيحة حتى لا نكون ممن ذمهم الله تبارك تعالى في كتابه الكريم في قوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ..} (44) سورة. وكما قال الشاعر العربي:
قدّم لنفسك ما استطعت صالحا
واعمل فليس إلى الخلود سبيل
وما أبرئ نفسي، وأختم كلامي بكلمات لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كان -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- يدعو بها: «اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة. اللّهم اغفر لي ما وأيت- أي وعدت- من نفسي ولم تجد له وفاءً عندي. اللهم اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي».