تدخل الجامعات الألفية الثالثة وهي محاطة بالعديد من المتغيرات العالمية والتحديات غير المسبوقة في مختلف المجالات؛ فضلاً عن تداعيات التنافسية والعولمة التي حملت معها توجهات حديثة في إدارة الجامعات، حيث تفرض هذه التحديات التحول من الأساليب التقليدية في الإدارة إلى تبني ممارسات قيادية فاعلة تعزز مبدأ التشاركية، وعدم اكتفاء القيادات الجامعية بإدارة مهامهم ومسؤولياتهم من المكاتب، بل تعزيز هذا الجانب بالنزول إلى الميدان، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات الإدارية والأكاديمية التي تواجه الطلبة وأعضاء هيئة التدريس وأصحاب المصلحة.
وتتأكّد الحاجة إلى الأساليب القيادية الحديثة في كليات التربية التي تعدّ من أكثر الكليات أهمية وانتشاراً في الجامعات المحلية والعربية والعالمية، كونها تتولى مهمة إعداد وتأهيل الكوادر البشرية من المعلمين والمعلمات والقيادات التعليمية التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية وتعليم رأس المال البشري من الطلاب والطالبات، وإعدادهم لتحقيق غايات المجتمع وأهدافه المنشودة.
وإداركاً منها لأهمية الدور المحوري الذي تقوم به كليات التربية، تستضيف وزارة التعليم ممثلة في جامعة الجوف فعاليات المؤتمر التربوي الدولي الأول لتطوير الأداء الأكاديمي لكليات التربية والذي سيتطرق خلاله خبراء تربويون يمثلون جامعات عريقة إلى مناقشة محاور وقضايا قيادية وتربوية جوهرية ذات علاقة وثيقة بإسهام القيادة الجامعية والخطط والبرامج الدراسية في تطوير الأداء الأكاديمي، وكذلك آليات تفعيل الإرشاد الطلابي في منظومة الأداء الأكاديمي، إضافة إلى استعراض النماذج المبتكرة للشراكات المجتمعية مع مؤسسات التعليم العالي.
وكما هو ملاحظ ؛ فإنّ هذه المحاور تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك الدور المهم للقيادات الجامعيات وأثرها الكبير على الأداء الأكاديمي للطلبة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين، وصولاً إلى تأثيرها بشكل عام على مستوى أداء الجامعات والكليات والأقسام الأكاديمية.
ومن المؤمل أن تثري الأبحاث والدراسات التي ستقدم خلال المؤتمر، وكذلك ورش العمل المصاحبة لفعالياته النقاش التربوي الذي سيشارك فيه نخب أكاديمية متخصصة، ما سينعكس إيجاباً على تطوير ممارسات القيادات الأكاديمية في الجامعات السعودية، ويعمل على تجويد مخرجاتها، ويسهم في تحقيق أهداف التعليم العالي وخطط التنمية، ويخدم احتياجات سوق العمل وطموحات المجتمع أفراداً ومؤسسات.
وبناء على هذه المعطيات؛ فإنّ من المتوقع أن يحقق هذا المؤتمر نجاحاً لافتاً بالنظر إلى تميّز محاوره وضيوفه وكذلك المشاركين في الإعداد له وتنظيمه، ما سيشجع بقية الجامعات السعودية لاستنساخ تجربة جامعة الجوف واستضافة مؤتمرات محلية ودولية مشابهة تعمل على ترسيخ مبدأ القيادة الجامعية وتعزيز ممارساتها في مختلف مؤسسات التعليم العالي.
د. محمد بن محمد أحمد الحربي - أستاذ إدارة التعليم العالي المشارك بكلية التربية - جامعة الملك سعود