أبها - عبد الله الهاجري:
أكد طالبات قسم العمارة بجامعة دار الحكمة أن المرأة أساس العمارة وتصميم المنازل، باعتبارها «ست البيت»، وأكثر من يعرف ما تحتاجه من تفاصيل، وليس رسماً وديكوراً فقط.وأبدت الطالبات المشاركات في فعالية مشروع «عسير حلة العمران» التي اختتمت الجمعة الماضية بقرية العكاس التراثية، انبهارهن من استخلاص حجر بناء قرى منطقة عسير التراثية وقرية العكاس خصوصاً من البيئة، بعيداً عن أي مواد كيميائية، وغيرها من التفاصيل المعمارية، طارحين نماذج تستحق التكرار.
المفتاحة وقرية رجال نموذجان
أكدت الطالبة لجين بادريق أن المشروع هو محاولة إعادة التراث لعسير والمباني التي تركها أهاليها، وباتت مهددة بالتعرض للهدم السريع، لكي يعودوا ويهتموا بها، عبر إيجاد طرق للاستخدام ملائمة للعصر الحالي، وليس للعودة للعيش بها مثل السابق فحسب.
وأشارت لجين إلى أن عسير سجلت تجربتين ناجحتين في إعادة استخدام المباني التراثية على المستوى المحلي وحتى الخليجي والعربي: قرية المفتاحة التي خصصت للفنون وأصبحت منبعاً لها، وقرية رجال التراثية بمحافظة رجال ألمع التي صارت مزاراً سياحياً مشهوداً.. ولفتت إلى أن الفرق كبير بين جدة وعسير من حيث المباني، رغم أنها تحمل نفس الفكرة.وتطرقت لجين إلى أن الأهالي شرحوا لهن دور المرأة العسيرية في المنزل سابقاً واهتمامها الكبير في كافة تفاصيله المعمارية وأعمال الزينة من رسومات قط وزخارف وامتدادها للزراعة في محيطه وغيرها.
انبهار من استخلاص حجر البناء من البيئة
لم تخف الطالبة سامية خان - ستتخرج هذا المستوى الدراسي - إعجابها الشديد بطريقة البناء في بيوت قرى عسير القديمة عامة وقرية العكاس وخصوصاً المبنية من الحجر المستخلص من البيئة ذاتها، دون استخدام أي مواد كيميائية كما في المباني الحديثة، والتي لم يكن أهلها حينها بحاجة للكهرباء والتقنية، ولا يشعرون بالبرد أو الحر، مشددة على اهتمامها بكيفية تطبيقه في الوقت الراهن، كاشفة عن دراسة أعدتها عن كيفية استخدام الحجر في البناء بدلاً من المواد الكيميائية.
المرأة أساس العمارة
أعادت الطالبة نادين لنجاوي شريط الذاكرة للوراء حين كانت المرأة في المجتمع السعودي كافة أساس العمارة وتصميم المنازل باعتبارها «ست البيت»، وأكثر من يعرف ما تحتاجه من غرف وعدد من يسكن في كل منها، وليس قطاً ورسماً وديكوراً فقط، لافتة إلى أنها كطالبة مهتمة بكل مدن المملكة وليس مسقط رأسها جدة أو مكان إقامة المشروع عسير، وأن ما تم في عسير هو بداية توعية، سيعقبها مراحل أخرى.وذهبت إلى أن الفرق بين طلاب الكلية وبين أي مجموعة طلابية أخرى، أن الفكرة لا تنحصر في المحافظة على البيئة وتنظيفها فقط، بل تتعدى لكيفية إيجاد طرق لاستخدام المباني القديمة.
الجامعة مستعدة لمبادرات أخرى
بدورها، قالت عضوة هيئة التدريس بكلية العمارة «المهندسة المعمارية للمشروع» سيماء رفاعي إن الجامعة على استعداد لمبادرات أخرى في مناطق مختلفة، شريطة مساندة ودعم الجهات المختلفة، مؤكدة في الوقت ذاته أن الجامعة صرفت مبالغ عالية لإقامة المشروع، وأضافت: «أهم ما خرجت به الفعالية شعور الأهالي بحلاوة الاهتمام بمنازلهم القديمة».
وتابعت أن الطبيعة القبلية تُقرأ في نفس المعمار، ويترجمه الترابط الاجتماعي، ووجود كلمة أساسية لنائب القرية، مقدّمة شكرها لأهالي القرية الذين قبلوا استضافة فعالية المشروع.ونادت كل شخص لديه ملك بهذا الإرث وجمال العمارة للمحافظة عليه، وقالت في هذا الإطار: «لو كان لدى أحد منا شيءٌ غالٍ ورثه، فإنه حتماً سيحتفظ به، وكذلك البيوت التي هي رائحة الأجداد.. يجب أن تبقى، وبقاؤها ليس فقط مسؤولية الجهات الحكومية، بل الأهالي هم الأساس، وليس الهدف أن تكون كل القرى مزارات سياحية لأنه غير معقول، كما أننا لا نطالب بالعودة للحياة القديمة مطلقاً، بل بالتوازن بينهما لبقاء اتصال بين الحاضر والماضي ولتكون عسير رائدة عالمياً في هذا المجال».
واتفقت مع الطالبة نادين بأن فن العمارة ليس حكراً على الرجال أو النساء، بل إنه كما في الحياة الاجتماعية كل منهما مكمل للآخر، وقالت :»تظل للمسة الأنثوية والناعمة والحس الفني أهمية في فن العمارة متواجدة لدى النساء، كما يشترك الرجال في الفن والقوة والبناء وغيرها».