تونس - فرح التومي - الجزيرة:
لم يكد الشارع التونسي يستعيد القليل من استقراره العادي بعد تلاشي تداعيات العملية الإرهابية التي راح ضحيتها 4 أعوان أمن منذ أقل من أسبوع، وعودة السير الطبيعي لتنقل الأفراد بين تونس وليبيا بعد فك اعتصام الشباب المحتج بالمعابر الحدودية بالجنوب التونسي، حتى اتجهت أنظار التونسيين إلى مجلس نواب الشعب، حيث تدور معارك من نوع آخر بين شقين من النواب حول أحقية كل واحد منهما في التربع على عرش المعارضة في المجلس.
المعارك الكلامية والصراعات السياسية التي خرجت للعلن واتخذت من المنابر الحوارية التلفزية والإذاعية فضاء واسعاً لها، وتسببت في تأجيل استكمال انتخاب رؤساء اللجان الداخلية في المجلس إلى اليوم الاثنين، كما أقامت الدليل على أن الأمور داخل مجلس نواب الشعب لا تسير على ما يرام، بل أنها تسير في الاتجاه المعاكس لانتظارات التونسيين بمختلف انتماءاتهم الإيديولوجية، حيث لا تزال الجبهة الشعبية اليسارية تصر على حقها في تزعم تيار المعارضة في المجلس باعتبارها جاءت في المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة وبالتالي من حقها الفوز بألكسير رئاسة لجنة المالية.
وفيما كانت كل المؤشرات تقول إن الجبهة الشعبية، الكتلة الرابعة في مجلس نواب الشعب كانت ستفوز بزعامة الأغلبية دون إشكال، إلا أن تكتل النواب المحسوبين على المعارضة من خارج الجبهة وانتخابهم لأحدهم لترؤس اللجنة المالية، أسقط حسابات الجبهة التي لا تحتكم سوى على 15 نائباً «من صلبها»... أي أنها سخرت وقتها طيلة الثلاثة الأشهر الماضية لعرقلة مسار تشكيل الحكومة الجديدة ولم تلتفت إلى ضرورة تكوين جدار معارضة صلب تستند إليه في معارضتها «الدائمة» لكل سلطة في البلاد، مما أوقعها في شر أعمالها وجعل نوابها يثورون ضد ديمقراطية مجلس النواب التي جعلت من الجبهة القوة المعارضة الثانية وليست الأولى كما كان يحلم قياديوها.
وكان محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب منح النواب الغاضبين مهلة إلى حد اليوم الاثنين لقبول نتائج انتخابات لجنة المالية أو تقديم مقترحات أخرى أكثر موضوعية لا تعتبر أن هناك «أمر دبر بليل» حتى تسير رزنامة العمل النيابي وفق ما سطر لها من آجال وحتى يتمكن المجلس من تجاوز هذا الإشكال والتفرّغ للنظر في مشروع قانون الإرهاب الذي ظل عالقاً بالرفوف على الرغم من دقة المرحلة التي يمر بها أمن البلاد واستقرارها.