فيلادلفيا - عبدالمحسن المطيري:
يقدم الفيلم الحربي «American Sniper» لمخرجه الجمهوري كلينت ايستود قصة مبنية على أحداث حقيقية وثقها القناص «كريس كايل» في مذكرات كتبها قبل وفاته، تحكي تفاصيل الفيلم مهمات قام بها أثناء حرب العراق، يقدم العمل بتطرف وطني رؤية نفسية عميقة لطريقة تفكير عناصر المارينز الأمريكي وتعاملهم مع الأوضاع المتردية في العراق.
يسرد لنا الفيلم علاقة كريس مع زوجته وكيف أثرت الحرب على نفسيته أثناء عودته للولايات المتحدة، والأثر النفسي أو المرض كما يسميه المجتمع الطبي يدعى «Posttraumatic stress disorder» أو «اضطراب ما بعد الصدمة»، وهو مرض يعاني منه واحد من كل ستة جنود يعودون للولايات المتحدة.
بلا شك الفيلم يقدم بلا حرج دعاية وبرابجندا صريحة مؤيدة للجيش الأمريكي، والأكثر سلبية للفيلم هو الستيريوتايب والتعميم الساذج للمواطنين العراقيين، حيث يقدم الفيلم صورة موحدة للشعب العراقي من دون الفصل الواضح بين المتطرفين منهم والمعتدلين، كذلك يقدم الفيلم العديد من الجمل العنصرية التي تصدر من الجنود تجاه الشعب العراقي.
البرابغندا في السينما لا تسبب إشكال في الحكم الفني النهائي للفيلم، وطالما كانت هناك أفلام صريحة بالدعاية الوطنية أو الآيدلوجية ومع ذلك بقيت مهمة على المستوى الفني والتاريخ السينمائي مثل رائعة سيرجي آنيشتاين السوفييتية «The Battleship Potemkin» والفيلم الكلاسيكي «Casablanca» أو حتى فيلم شارلي شابلن «The Great Dictator» لطالما كانت الأفلام تقدم الدعاية والترويج بشكل تثقيفي ذكي، لا يدين الطرف الآخر بشكل واضح، وهو الأمر الذي لم نجده في فيلم «American Sniper» والذي ذهب بعيداً في الدعاية الوطنية والفخر الأمريكي الذي جعل منه ساذجاً في مضمونه ولكن تلك السذاجة لم تؤثر على قوته الفنية والتنفيذية والتمثيلية.
يقدم الفيلم نفسه على الرغم من المشاكل الفكرية في الفيلم كواحد من أفضل أفلام العام من الناحية الفنية، مونتاج في أفضل حالاته، أداءات تمثيلية عالية خصوصا من الصاعد برادلي كوبر، والمستوى الإخراج للفيلم كان قريب للكمال، فالتصوير وتحرير الصوت والإنتاج والديكور جميعها متميزة، فيلم يستحق الترشيح لجوائز الأوسكار على الرغم من الإشكال الأخلاقي في النص، بالإضافة بأن الفيلم لم يكن وفياً لمذكرات كريس والتي ذكر فيها العديد من النقاط المهمة والتي تجاهلها الفيلم ربما لعدم تناسبها مع السياق الروائي للقصة، أو ربما يريد المخرج أن يحسن من صورة كريس أمام الرأي العام الأمريكي والذي انقسم حول الفيلم بشكل كبير.