كلما أتيحت لي الفرصة المناسبة التي كنت من أجلها كنت تواقاً لزيارة محافظة الدرعية للاطلاع على معاملها التاريخية التي تتجدد بين الفنية تلو الفينة.
إلى جانب زيارة اليخت التراثي الذي قام ببنائه مهندس الديكور فهد بن حسن الجبهان وفقه الله بمزرعة والده المطلة على وادي حنيفة فإنني في تلك الحالة مثل أي زائر يزور هذه المحافظة العريقة تاريخياً لأول وهلة يقف لحظات أمام هذا العمل الرائع الجميل أتابعه شخصياً بدقة متناهية وأحاول بقدر المستطاع جاهداً أن أتمعن في طريقة التركيب واختيار الخامات والألوان وفي شكله وفي صيغته الأدائية لاشك أن هذا العمل الجبار له نكهة التاريخية الخاصة لهذه المحافظة ومن خلال متابعتي الدقيقة ينتابني شيئاً من الإعجاب والدهشة بما يتجدد في هذا العمل الجبار إلى جانب الرغبة في الكتابة والتوضيح والتعليق عن هذا العمل الرائع الجميل الذي يضم من خلال جوانبه المتعددة أسساً فنية تتعلق بهذا العمل التراثي العريق بالشكل والعرض والتقديم إلا أنه لم يتوقف عند أي منها لوجود العديد من القدرات في التعامل مع مختلف الأساليب والمدارس الفنية تحتل الألوان مساحات كبيرة في طرحة وإبراز قدرات المصمم الإبداعية المنسجمة بين لون وآخر مما جعل عمله واضحاً وبارزاً بالطريقة المثلى.
فإن الأمر يصعب على مصور التلفاز مهما بلغت قوة التقنية الحديثة أن يعكس قوة هذا العمل وهذا الأداء للمشاهد بالشكل المطلوب وهذا العمل لم يعد مألوفاً على الساحة بل أن قدرات المصمم والمشرف والمعد والمنفذ قد جسدت في عمله المتميز الإبداع لا أستطيع أن أقول بالحرف الواحد أنه يندر إنجازه في أي مكان.
ليس هذا العمل التراثي مسرحاً بالمعنى المألوف بل هو بناء خاص لعمل تراثي راق بخامات محلية تجعل الجمهور يتحرك وتجعل الجمهور يعيش مع هذا العمل التراثي لحظة بلحظة باختصار مع استراحة فوق هذا اليخت يعطيك شيئاً من الانبهار.
فتجد العابرين بمركباتهم أنظارهم تشدهم مع هذا العمل وكاميرات هواتفهم المتحركة تتحرك على هذا البناء التراثي لأخذ صورة تعبر عن هذا العمل.
ولكنني ترددت كثيراً في الكتابة لأنني لست بمعرفة تامة ودقيقة عن أسس التراث وما يحتويه إذا أن التقنية الحديثة مع الأسف الشديد قد لا تعطي المبدع وصاحب الموهبة حقه أحياناً أو في كثير من الأحيان فالمرء الذي يملك موهبة قد لا يملك أدوات تساعده على الإبداع والإخراج بالشكل المطلوب.
الذي يريده القارئ الكريم والمشاهد الذي يملك الاختصاص فهذا العمل له غاية من الأهمية لأنه يؤكد القيم الإرثية على مر العصور وذلك من أجل أن يحقق تحريك الذاكرة وتجسيدها بوعي لتبقى تلك القيم راسخة في ذاكرة المتلقي.
ما أجدر هذا العمل التراثي الذي يعزز الأعمال التراثية بهذه القدرات الإبداعية التي تقوم على ارتقاء العمل التراثي الإسلامي والتاريخي بشكله المميز والمدهش فيحول هذا المكان إلى مجسماً واقعياً حياً يعبر عن عملية إخراجية تمتزج بالواقع والخيال مثل هذا العمل لا يمكن إنجازه في فترة قصيرة بل ينبغي الإعداد له لفترة أطول ليبقى موقعاً دائماً ومعلماً تاريخياً ذات قيمة تاريخية معاصرة ما أجدر أن هذا العمل الذي قام به الأستاذ فهد الجبهان المصمم والمعد والمنفذ بتقنيات العصر.
التي أذهلت كل مشاهد يرى هذا العمل لأول وهلة من مسافة بعيدة أو قريبة حتى أضفى على موقع المزرعة المطلة على وادي حنيفة عطاء فكر وصيغة وشكلاً فنياً يرتقي بتراث هذه المحافظة إلى ما تستحقه من قيم فنية وإبداعية وجمالية لن تتكرر على الساحة بالشكل لأن تكرار الشكل قد لا يتناسب مع تنوع المضمون الذي يحققه المهرجان السنوي الذي يقام على أرض الجنادرية كل سنة.
وبهذه المناسبة فإنني اقترح على الجهات المعنية في بلادنا المترامية الأطراف دعم هؤلاء المبدعين وأصحاب المواهب مادياً ومعنوياً حتى يرتقوا بأعمالهم وإبداعاتهم الفكرية والفنية فالشعوب والأمم في أنحاء المعمورة تتنافس في تلمس أصحاب المواهب وهذه القدرات الإبداعية التي يمتاز بها مجتمعهم وتحملهم مسؤولياتهم ثم تهيئة البيئة المناسبة لصناعتها واستثمارها فهل توجد إرادة من الجهات المعنية في الكشف عن الكنز الذي لا ينضب وهل من إرادة لاستثمارها حتى لا يخسر الوطن مواهب هؤلاء.
والله الموفق والمعين.
- الرياض