إعداد - سجى عارف:
على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي تحل فيه المملكة ضيف الشرف، التقت (الجزيرة) بعدد من الشخصيات المشاركة من مثقفين وزائرين للجناح، والذين أعربوا عن سعادتهم بما وجدوه من حضور سعودي قوي في المحافل الثقافية الدولية. ويقول الدكتور عبدالله الصميعي أمين جمعية الناشرين السعوديين، عضو اتحاد الناشرين العرب، مدير دار الصميعي للنشر والتوزيع لـ(الجزيرة): إن مشاركة المملكة ضيف الشرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام فاعلة وقوية على المستوى الثقافي. والحقيقة أن الجهود الملموسة من وزارة التعليم السعودية في تهيئة الجناح السعودي جهود يُشكر عليها القائمون عليه والمشرفون على تهيئته. فالجناح السعودي هذا العام يتميز بكثرة المشاركين من الناشرين السعوديين ومن الجامعات السعودية، وكما هو معلوم يقع على ما يقارب أربعة آلاف متر مربع، ويشارك أكثر من تسعين جهة ما بين ناشر حكومي وناشر قطاع خاص. والناشرون السعوديون في هذا العام أقبلوا على الجناح بالكتب الجديدة والقيمة الموجودة في عالم الثقافة السعودية. والناشر السعودي متميز بمطبوعاته ومنشوراته. والكتاب السعودي اليوم مطلوب في العالم الإسلامي والعربي بشكل واضح وملفت. ويشير الصميعي أن هناك إقبالاً كبيراً على الجناح السعودي، حيث يقدر الزائرون للجناح السعودي بأكثر من خمسة وعشرين ألف زائر في اليوم الواحد بحسب الإحصاءات الأخيرة، وهم في ازدياد. ويؤكد أن ما يجذب هذا العدد الضخم من رواد الجناح يومياً هو التجدد والتميز اللذين يظهر بهما الجناح السعودي كل عام، ووجود الندوات الثقافية المقامة على هامشه، والتي ترسخ العلاقة المتينة بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وأن لمثل هذه الندوات الثقافية دورها الكبير في إبراز مميزات الأدب والشعر السعودي وما وصل إليه الكتاب السعودي في مجال النشر. كما نوه إلى محاضرة عن أثر النشر في المملكة العربية السعودية للأستاذ أحمد الحمدان نائب رئيس الناشرين العرب، والتي تعد مشاركة من جمعية الناشرين السعوديين في هذا المحفل الثقافي الذي يتكلم عن التطور الثقافي الذي تعيشه المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يكمل مسيرة المغفور له الملك الراحل الصالح الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي انتقل إلى رحمة الله عز وجل قبل أيام، وأصابت المملكة حزناً شديداً لفقدان الب الغالي والمربي القائد. وفرح أيضاً السعوديون بمواصلة الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- مسيرة الملك عبد الله. وتبشر السعوديون خيراً بالأوامر الملكية الأخيرة التي فيها رقي للحضارة والثقافة، ودعم للمثقفين والنوادي الأدبية والجمعيات المهنية، لأن الملك سلمان يعد المثقف الأول للسعودية، وهو عاشق للكتاب وقائد للصحفيين وقائد الكتَّاب، وهو المحب الحقيقي للكتاب والمحب للقراءة. وهذا ما نعرفه من حياته العلمية والعملية، وهو قارئ من الدرجة الأولى للكتاب، لذلك ليس بمستغرب أن يكون هناك دعم كبير للثقافة وللنشر والمواد الأدبية من قبله -حفظه الله. ويوضح الدكتور الصميعي أن النشاط الثقافي يرسخ المفاهيم الأساسية للثقافة العالمية، ويرسخ لدى الجمهور أن المملكة العربية السعودية ليست دولة نفط بل دولة كتب وثقافة وعلم، وهي تعد من الدول المثقفة في الوطن العربي، بل إن الجناح السعودي يزدحم بزائري الكتاب السعودي المتميز، والإقبال كبير من العرب والمسلمين، كذلك أيضاً الزائرين من جميع الدول الأوروبية، لأن مصر -كما هي معلوم- من الدول المحبب الحضور إليها من قبل السياح من جميع دول العالم. وهي فرصة للالتقاء بالناشرين من إندونيسيا وفرنسا وإفريقيا ومن دول شتى، حيث يعد معرض القاهرة ملتقى للأدب والفكر والثقافة وللناشرين الجدد. وتوزع المصحف الشريف يومياً في المعرض مصحف الملك فهد -رحمه الله، مصحف مجمع الملك فهد يحظى بقبول كبير من قبل المسلمين في مصر والدول العربية والإسلامية، ويعد المعرض طريقة مثالية لنشر الثقافة وفتح مجالها وتوسع آفاقها عالمياً. وعن ثقافة المرأة السعودية يقول الدكتور الصميعي: إن النشاط الذي قامت به الدولة في السنوات الأخيرة من انتشار للجامعات السعودية، وتوجه العديد من الطلاب لطباعة الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في الأدب، والشعر، والعقيدة، والثقافة، والفقه، والطب والعلم في جميع الدول العربية، وهذا من فضل الله عز وجل علينا، نحمد الله على أن الكتاب السعودي سواء مؤلفه امرأة أم رجل هو دائماً في تميز وتفوق، لكن المرأة السعودية برزت في إنتاج الكتاب الجيد الذي فاق مستوى الكثير من الرجال، وهناك أيضاً كتب لكثير من الطالبات السعوديات حصلن على أوسمة وشهادات شكر وتقدير من كثير من الحكومات العربية، والمرأة السعودية محبة للكتاب وتفوقت في نشرها وفي آدابها، وفي ثقافتها، في رسائلها العلمية والعملية. ولدينالآن باحثات وطالبات في الدراسات العليا بالجامعات المختلفة، متعددات في الجوانب والمجالات، متعددات في الأفكار، بل إن هناك العديد من الكتب التي تهتم بها المرأة السعودية. والمرأة السعودية أيضاً تهتم بنشر الثقافة بين الحين والآخر، وهذا -الحمد لله- يعد تطوراً في ثقافتها، وأنها ليست بعيدة عن الثقافة العربية ولا عن إنتاجها.
ويبين حسين دغريري مدير الإذاعات الدولية في إذاعة جدة لـ(الجزيرة) أن الكتاب في الآونة الأخيرة وفي المعارض الدولية تحديداً لم يعد مجرد كتاب، ولكنه خرج عن المألوف، حيث أصبح الآن عرساً ثقافياً فيه ندوات وفيه كتّاب وفيه متخصصون وإعلاميون، وعندما تحضر لزيارة أحد معارض الكتاب لا تكفيك زيارة واحدة حتى تشعر أنك قد أشبعت جزءاً من الاحتياج بداخلك، وهو الخاص بالتعرف على القدر الأكبر مما يعرض في هذه المعارض. وفعلاً أصبح الكتاب تظاهرة ثقافية وإعلامية، وتظاهرة فنية اجتمعت فيه كل الفنون الإبداعية، من مسرح وفن تشكيلي والمنتديات واللقاءات الثقافية والكتب ودور النشر والجامعات، المشاركة في المعرض، وهذا شيء جميل جداً. وعن دور الإعلام السعودي وتأثيره على المواطن السعودي داخل المملكة وخارجها، يؤكد دغريري أن الإعلام السعودي خطا خطوات كبيرة في توصيل المعلومة والمعرفة، وأصبح له دور تنافسي، لأن وسائل الإعلام اختلفت وتعددت ما بين ما يُقرأ وما يُذاع صوتياً أو تلفزيونياً، ومنها ما أصبح تفاعلياً، وغيرها من القنوات المتجددة يومياً، فكان يجب علينا الانتقائية لما نشاهده أو نقرؤه، وأصبح الإعلام الآن مهماً بالنسبة للمشاهد، وبالنسبة للمستمع. والإعلام السعودي أصبح ركيزة قوية يشهد لها بالتقدم والتطور ومواكبة الحدث، ومواكبته هذا التطور الإعلامي أخذ بأحدث الأجهزة والتقنية المتطورة في العمل الإعلامي المساعدة له ليضمن الحرفية والجودة فيما يقدمه. وعن دور المرأة السعودية في ممارسة مهنة الإعلام يوضح أن المرأة السعودية اقتحمت المجال الإعلامي وأثبتت وجودها وهي الآن تنافس الرجل وبشدة إن لم تتفوق عليه في كثير من البرامج، وخصوصاً البرامج المباشرة والبرامج الحوارية والبرامج المنوعة، وقدمت مجهودات وأفكاراً ورؤى وإنتاجاً جيداً. وأعتقد أنها وصلت إلى المأمول الذي نطمح إليه جميعاً في المرأة السعودية أو المذيعة السعودية أو الإعلامية السعودية. وعن إعلام الأطفال وبرامجهم كنت في فترة من الفترات رئيس برامج الأطفال منذ حوالي تسع سنوات تقريباً، ومن هذا المنطلق أستطيع القول إن برامج الأطفال الحقيقة لا زالت تحتاج إلى نوع من الرعاية ونوع من الاهتمام في المجال الإعلامي، فالاهتمام الموجود ليس بالمأمول والمطلوب مثل قناة أجيال تقدم منتجاً رائعاً للأطفال، لكنهم بحاجة للمزيد. وهناك أيضاً برامج في الإذاعة متخصصة في برامج الأطفال وبرامج اأسرة والطفل موجودة في الإذاعة، ولكن الاحتياج يتمثل في تدريب الإعلاميين المتخصصين بهم. ووجود الطفل الإعلامي مهم جداً لكي نستطيع بناء جيل إعلامي واع راق قادر على خدمة الإعلام السعودي في المستقبل -إن شاء الله.
وفي الختام أحب أن أشكر حكومتنا الرشيدة التي تهتم بمثل هذه المعارض التي من خلالها نستطيع إيصال الرسائل الثقافية والإعلامية والدينية للعالم أجمع، فالجناح السعودي دائماً ما يأخذ أكبر مساحة موجودة في أرض المعارض، وهذه ليست المرة الأولى، ففي كل مشاركة تكون المملكة الحلقة الأقوى بين الدول المشاركة من حيث المساحة والمنتج المقدم بكثافة. وهذا أمر يشرف ويبهج، ويكفيك منه التواجد والحضور السعودي بهذه القوة في هذا المعرض الدولي الذي يعد ثاني أهم وأكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
ونوهت لـ(الجزيرة) حامدة الغامدي تربوية وأكاديمية سعودية أن المرأة السعودية لها باع كبير في الثقافة، فهي امرأة مثقفة بوجه عام، لها من الأفكار والطموح ما يمكنها من تطوير ذاتها ووطنها وأطفالها بشكل عالمي. ويوجد في المملكة عدد كبير من الكاتبات والإعلاميات الناجحات في مجال الثقافة والتجارة والأدب والعلوم على اختلافها العلمي والأدبي. كما أن لدينا كثيراً من المخرجات والكتب التربوية لنساء سعوديات رائدات في مجالهن، لدينا من الشاعرات والأديبات ما يتلألأ بهن سماء الأدب وأفق الفن. فالمرأة السعودية على المستوى الخليجي والمستوى الإقليمي والمستوى العربي قد أبدعت في مخرجاتها الثقافية بشكل عال جداً. وعن الطريقة الصحيحة والوسيلة التربوية التي من خلالها تستطيعين جذب طفلك للكتاب وللثقافة، توضح الغامدي أن أول عامل لجذب الطفل للقراءة أو للثقافة بشكل عام هي الأم كقدوة، فإذا رأى الطفل أمه أو والديه في المنزل يقرآن سيقرأ بلا أدنى شك، وإذا ما عرف الطفل الطرق الصحيحة للقراءة وإستراتيجياتها ببساطة سيقرأ، وإذا شارك الطفل والديه حضور الفعاليات الثقافية وتنظيمها وزيارة معارض الكتاب وزيارة المكتبات سيقرأ، وإذا وجد الكتب التي تلبي اهتماماته وتلبي حاجاته وتلمس فيها ما يحب سيقرأ، إذا وجد الكتب المميزة في الإخراج وفي الإنتاج وفي السياقة سيقرأ، هي عوامل كثيرة تجذب الطفل للقراءة، وتؤكد أن القراءة هي نافذة نطل منها جميعاً على العالم، وأوصيهم بالقراءة فبدونها لن يتقدموا وسيبقون في مؤخرة الصف. وبيَّنت الغامدي أن ابتعاث الطلاب السعوديين إلى الخارج خطوة مميزة سهلت على أبنائنا الاطلاع على ثقافات العالم الخارجي وتلقي العلوم من أرقى جامعات العالم، وأرى أنهم -بإذن الله- عند عودتهم سيقدمون نقلة مميزة وكبيرة للمملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة والمستويات، سواء ثقافية أو علمية أو اقتصادية أو سياسية أو تربوية وغيرها من المجالات، وسيكون لها -إن شاء الله- تأثير كبير على تطور وحضارة الوطن.
ويؤكد خالد خضر الملقب بأبي المصورين السعوديين لـ(الجزيرة) أن الجناح السعودي هو المكان الأكثر إقبالاً وارتياداً داخل المعرض، ويقول: إنه معرض داخل معرض، وبدعوة كريمة من وزارة التعليم قمت بإعداد معرض من مجموعة الصور الخاصة بمكة والمدينة لتعرض كديكور وخلفيات حائطية وكتصميم ديكوري لهذا الجناح، إضافة إلى الصور المرئية كفيديو معد ليعرض في الشاشات المعلقة لنقدم عرضاً كبيراً ناجحاً يوضح مدى التلاحم بين الدين الإسلامي بين مكة والمدينة أرض الرسالات وأرض مصر أرض الكنانة أرض هاجر التي نبع بئر زمزم على يديها، فهاجر المصرية ربطت بين مصر ومكة لتكون بداية هذه العلاقة الأزلية والتاريخية بين هاتين الشقيقتين مصر والمملكة، وها أنا اليوم أقدم مشروعاً جديداً يضاف للمشاريع المساهمة بين مصر والمملكة التي ربطت بين هذه العلاقة الدينية والسماوية لترسخ التآخي والمحبة والقربة بينهم، كما شاركت بمجموعة من الصور عن المملكة وعن مكة المكرمة والمدينة المنورة، لأني أعلم مدى تعلق الشعب المصري وتمسكه بدينه وعادته وتقاليده، فحبه للمقدسات الإسلامية عميق، لذلك طرأت لي أن أقدم هذه الصور التي توحي للناظر إليها أنه زارها وشعر بروحانيتها، وقد وجدت هذه الصور أصداء جميلة لدى الزوار، وقد أسعدني كثيراً رؤيتهم يلتقطون الصور التذكارية بجانبها، وهذا أوحى لي بالإيجابية من ما قدمناه في هذا المعرض. ويؤكد أن الشعبين المصري والسعودي إخوة وروح واحدة تجسدت فيهما، وحلم واحد يراودهما، وأمل كبير يعيشون لأجله. ووجود مثل هذا المكان السعودي بحجمة وعظمته على أرض مصرية لهو دلالة قوية على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي لن تزحزحها أو تعكر صفوها أي شيء مهما كبر أو صغر.
ويشير الدكتور راشد بن حسين العبد الكريم أستاذ مشارك في قسم المناهج بكلية التربية بجامعة الملك سعود لـ(الجزيرة) أن هذه المظاهر الثقافية وهذا الحضور في هذا المعرض والندوات المصاحبة بالجناح السعودي بحكم أن السعودية هي ضيف شرف المعرض لهذا العام يعكس حقيقة الواقع الثقافي ويعكس التقدم الثقافي والحالة الثقافية التي تعيشها المملكة العربية السعودية والجانب المشرق للثقافة فيها. والمنصفون يصنفون الثقافة السعودية والمثقفين السعوديين بأنهم من أميز المثقفين ومن أميز الثقافات على مستوى العالم العربي. ويوضح أن هذه الاحتفالية الثقافية والإقبال على الحضور في الجناح السعودي والتواجد الثقافي السعودي في هذا المعرض وما نراه هنا شيء مشرف للمملكة، والجهود المبذولة واضحة ويُشكر القائمون عليها في وزارة التعليم. وأنا هنا أحب أن أسجل سعادتي بهذه المشاركة الجميلة، وفيما يتعلق بكتابي فهو كتاب في مجال البحث العلمي، وهو مما تنشره جامعة الملك سعود، وهو من الكتب -ولله الحمد- المتميزة، حيث إنه فاز بجائزة وزارة الثقافة والإعلام لعام 2013 في الرياض بفضل الله عز وجل، ولذلك اختير من قبل الوزارة ليوقع ويوزع في معرض الكتاب بالقاهرة، وأنا سعيد بعدد الحضور والإقبال الكبير على هذا الكتاب. ويبين العبدالكريم أن ثقافة المرأة وثقافة الطفل جزء من الثقافة، ومن الصعب أن نفصل جزءاً عن الآخر، وهم جزء ومكون أساسي من مكونات المجتمع، وتقدم الثقافة بشكل عام شئنا أم أبينا ولا شك أنه سيدعو وينتج بالتأكيد عن التقدم في الثقافة في الأجزاء الأخرى، وثقافة المرأة السعودية وثقافة الطفل أيضاً حققت نجاحات وظهوراً إعلامياً وثقافياً في الوطن العربي، وعلى المستوى العالمي. ولا شك أن دعم حكومة خادم الحرمين ودعم وزارة الثقافة بيِّن وواضح في هذا الجانب تحديداً.