تونس - الجزيرة - فرح التومي :
في حركة مفاجئة وغير متوقعة، احتل المحتجون في جنوب البلاد، وتحديداً على بُعد أمتار قليلة من المعبرين الحدوديين (رأس جدير والسلوم)، الطرقات رافضين السماح لحافلات النقل العمومي التي سخرتها تونس لنقل آلاف العمال المصريين القادمين من ليبيا والمتجهين إلى مطار جرجيس الدولي بالجنوب التونسي حيث تربض طائرات مصرية في انتظار إجلائهم إلى مصر، وفق ما قررته حكومة السيسي، إلا أن مئات المحتجين الذين أصروا على أن يظل المعبران مغلقَين في وجه عمليات التنقل من وإلى ليبيا أفشلوا المخطط المصري القاضي بإحداث جسر جوي بين مطار جرجيس الدولي ومطار القاهرة الدولي، وطالبوا حكومة الحبيب الصيد بإلغاء إتاوة مغادرة الأراضي التونسية الموظفة على مواطني دول المغرب العربي فوراً، بالرغم من إعلان الصيد منذ ثلاثة أيام عزمه إلغاء هذه المعاليم الجبائية، خاصة أن الجانب الليبي تخلى قبل ذلك على الإتاوة التي فرضها على التجار التونسيين لدخول أراضيه.
ويتمسك المحتجون بالرغم من محاولات السلطة المحلية والجهوية إقناعهم بإخلاء الطريق، والسماح لآلاف العمال المصريين العالقين بالحدود التونسية الليبية بالتنقل إلى حيث تنتظرهم الطائرات المصرية، بمطالبة حكومة الحبيب الصيد بوضع برامج استعجالية للنهوض بالتنمية في جهة الجنوب عامة وفي المدن الحزامية المحيطة بالمعابر الحدودية مع ليبيا؛ حتى يكون بمقدور «تجار الشنطة» والمهربين والمحتكرين الالتحاق بصفوف الشغالين في المصانع والمنشآت الخاصة التي ينتظرون إحداثها قريباً؛ وبالتالي يتوقفون عن أنشطتهم التجارية المرتبطة عضوياً «بأمزجة» التيارات المختلفة المتنازعة على السلطة في ليبيا.
والواضح أن القرار الليبي باستئناف النشاط التجاري للتونسيين مع ليبيا بداية من أمس الأول الخميس لم يغير المشهد بمعبر رأس جدير الحدودي، كما لم يعط قرار مجلس الوزراء التونسي بإلغاء إتاوة العبور أثره الإيجابي في تعليق الاعتصام الذي ينفذه بالقرب من المعبر عدد من أهالي وتجار ومكونات المجتمع المدني في ابن قردان من محافظة مدنين (500 كلم جنوب العاصمة تونس). ورغم أن الجانب التونسي على معبر رأس جدير لم يوقف العمل بالمعبر فإن دخول الليبيين والسلع إلى ابن قردان ظل متوقفاً، ولم يقع استثناء الحالات الاستعجالية بل اقتصرت فقط على بعض المترجلين أو بعض السيارات الليبية التي سمح لها المعتصمون بالمرور. واعتبر المعتصمون أن هذا القرار شأن ليبي، وأن مطلبهم الأساسي إلغاء إتاوة العبور ومسائل تنموية أخرى متمسكين بمواصلة الاعتصام ومنع دخول الليبيين والبضائع في انتظار مصادقة مجلس نواب الشعب على إلغاء قانون الإتاوة بعد أن صادق على إلغائها مجلس الوزراء الخميس.
ومن جهتها، علقت خلية الأزمة على القرار الليبي بأنه لا يعنيها ولا يغير شيئاً في الواقع، وأن الخلية ليست طرفاً فيه بحسب تعبير زهر ديبر رئيس الاتحاد المحلي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أحد أعضاء الخلية، الذي قال إن ما يهمهم قرارات تنبثق من الحكومة التونسية. كما عبَّر عن الاستياء لعدم فتح الحكومة مجالاً للتحاور، ولعدم برهنتها على حسن النية في التعاطي مع حقيقة الأوضاع في ابن قردان بحسب قوله، معتبراً أن قرار مجلس الوزراء إلغاء الإتاوة خطوة إيجابية يجب أن تعقبها خطوة سريعة في مجلس النواب حتى تلغى نهائياً.
وقد تقرر في آخر لحظة إيقاف معاناة آلاف المصريين العالقين بالمعابر الحدودية من الجانب التونسي بأن تتولى الوحدات العسكرية تأمين خروج المصريين القادمين من ليبيا والمتجهين من معبر رأس الجدير الحدودي إلى مطار جربة جرجيس الدولي، وفق ما أكده المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني بلحسن الوسلاتي.
أما فيما يتعلق بالموقف الرسمي التونسي مما يحدث في الجارة ليبيا، فقد صرح كاتب الدولة لدى وزير الخارجية المكلف بالعالم العربي وإفريقيا التهامي العبدولي بأن تونس تستعد لأية تطورات عسكرية قد تحصل في ليبيا من أجل إجلاء رعاياها إن لزم الأمر، موضحاً أن الوضع على الحدود تحت السيطرة.