لو كان يخلد بالفضائل فاضل
وصلت لك الآجال بالآجال!!
بينما كنت أتابع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، فهي الوسيلة التي تفرز وتبث الأخبار حية وطرية، سواء السار منها والمفرح أو خلافها ..، فإذا بنبأ رحيل حبيب الشعب السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز يدك هضاب القلوب، الذي أذيع قبل فجر يوم الجمعة 3-4-1436هـ، وكان وقع ذاك النبأ المفجع مؤلماً وموجعاً جداً لفقد ذاك الطود العظيم الذي وقف حياته كلها في خدمة دينه ووطنه وشعبه، وفي تسنم القمم العالية.. منها رئاسة الحرس الوطني وتطويره، ثم ولياً للعهد معاضداً أخاه الملك فهد بن عبدالعزيز بكل حنكة وإخلاص إلى أن صعد ملكاً متربعاً على عرش المملكة العربية السعودية عام 1426هـ بعد رحيل الملك فهد -رحمهما الله- ثم تولى بعده زمام الحكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملكاً للمملكة العربية السعودية، وعضداه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، ووزيراً للداخلية - أعانهم الله وسدد خطاهم - وقد خيم الحزن على أرجاء وطننا الحبيب إلى قلوبنا أسفاً على غياب ورحيل الملك الرحيم بالضعفة والأيتام والمتفاني في حب أبناء شعبه:
من لليتامى والأرامل كافل
يرجونه في شتوة ومصيف!!
وقد اكتظ قصر الحكم بالمبايعين والمعزيين ساعات متتابعات طوالاً.. من داخل الوطن وسائر المحافظات والمدن والأرياف والهجر..، كما أن أسراب الطائرات من خارج الوطن ومن أماكن بعيدة تأتي هوياً على مطاري الملك خالد الدولي ومطار القاعدة الجوية بالرياض لتقديم العزاء في فقيد الأمة حباً للمليك الراحل ولأبناء الشعب السعودي.
ولقد ازدهرت المملكة العربية السعودية في عهد أبو متعب -طيب الله ثراه- ازدهاراً شاملاً يفوق الخيال، امتداداً لعهد سابقيه الملوك المخلصين، شمل التوسع الهائل للحرمين الشريفين، وابتكار توسعة المطاف حول الكعبة المشرفة ذات الطابقين بطريقة فنية لتيسير الطواف بكل يسر وطمأنينة، مشابهة لتلك الأدوار العملاقة لرمي الجمرات بمنى بكل سهولة وراحة لحجاج بيت الله الحرام:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله
ولو سكتوا أثنت عليك (الحقائق)!!
كما اهتم بالتعليم والتوسع في تطويره وفي تعدد الجامعات والكليات في كثير من المحافظات، وابتعاث الشباب خارج الوطن إلى كثير من دول العالم، لينهلوا من موارد العلوم الحديثة واللغات الأجنبية، كذلك انتشار المصحات الفخمة في كل محافظة ومدينة وتزويدها بالأطباء المختصين للحد من النزوح خارج الوطن:
- -2
وإنما رجل الدنيا وواحدها
من لا يعول في الدنيا على رجل
واهتمامه البالغ في توحيد الكلمة بين الأشقاء والعرب واستتباب الأمن والرخاء للمواطنين في ربوع مملكتنا الحبيبة، ومن ذلك السعي إلى وحدة الصف العربي والدعم السخي للقضايا الإسلامية مع الاهتمام بالحوار الوطني مما جعل محبته تطول وتدوم وإن غاب :
تخالف الناس إلا في محبته
كأنما بينهم في وده رحم!!
وسيظل ذكره ومحبته وأعماله المشرفة باقية في الأذهان لا يمحوها ماح على مر الملوين جيلاً بعد جيل:
لعمرك ما وارى التراب فعاله
ولكنما وارى ثيابا وأعظما!!
ومعلوم أن اهتماماته بالضعفة والأيتام كانت تشغل باله لتخفيف وطأة الفقر وسورته عنهم، مع المبادرة بالمساعدات الضخمة العاجلة المادية والعينية للبلدان المنكوبة والمتضررة المجاورة والنائية معاً، فكل أعمال الفقيد تتسم بالجزالة في جميع المجالات الخيرية، والمشاريع التنموية، فخيرات البلاد سحابة ضافية تهمي على السهول والآكام، كما أن التأريخ لا ينسى محاسن ملوكنا الخمسة بدءاً من جلالة الملك عبدالعزيز مؤسس هذه البلاد -طيب الله ثراه- وحتى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، فكل منهم له بصمات وأثر جديد مخلداً ذكرهم الحسن:
هم الملوك وأبناء الملوك لهم
فضل على الناس في اللأواء والنعم!!
تغمد الله الجميع بواسع رحمته وأعان خلفهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعضديه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وجميع أعوانهم المخلصين، ولقد عاش الملك عبدالله مهيباً وحياً حياة سعيدة محترماً عالمياً وفي المحافل الدولية والداخلية موفقاً في آرائه السديدة مسموع الكلمة، ولا غرو فقد تروى حنكة ودراية بالأمور المهمة من مدرسة الوالد الكبير الموحد لأرجاء المملكة. ولئن غاب -أبو متعب- وتوارى تحت طيات الثرى فإن حبه وذكره العطر باق في قلوب أبناء شعبه مدى الأزمان:
إن العظيم وإن توسد في الثرى
يبقى على مر الدهور مهيبا!!
ومما خفف مصاب الأمة الأسلامية أن تولى زمام الحكم الملك سلمان بن عبدالعزيز المعروف بالحنكة وبعد النظر، والمعرفة بأحوال الناس، فهو خير خلف لخير سلف. وفي هذه العجالة أعزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وإخوته الأمراء الكرام، وأبناء الملك عبدالله والأسرة المالكة الكريمة وجميع المواطنين راجين من المولى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وفضله وأن يسبغ عليه شآبيب رحمته إنه سميع مجيب.
3- -
وأخيراً أهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتوليه زمام الحكم وولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، راجياً من المولى أن يمتعهم بلباس الصحة ودوام التوفيق مردداً هذا البيت:
ودم سالما من كل سوء مهنئا
بما نلته دهرا وما أنت نائله
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف