الحمد لله على قضائه والشكر له على نعمائه والصلاة والسلام على أفضل خلقه وأصفيائه، أما بعد: فالله سبحانه المتصرف في هذا الكون وله الأمر من قبل ومن بعد وليس لنا إلا التسليم بحكمه وحكمته وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وإن من قضاء الله أن كتب الموت على كل حي والبقاء له سبحانه كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ومن ذلك ماكان من وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بعد حياة حافلة بالمنجزات على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، فتنوعت أعماله وتكاثرت أوصافه وتتابعت ألقابه، لكن الوصف الذي لازمه وأحبه ورحل معه كان هو الوصف الأسمى في الدنيا والأخرى أعني وصف: «خادم الحرمين الشريفين»، وهو وصف يعكس الرسالة التي كانت في أولويات اهتمامه فلم يهدأ العمل في الحرمين منذ تولى وحتى توفي -رحمه الله- فلم يكن مجرد لقب، بل كان مشروع حياة ورسالة ملك، يقدم بها لملك الملوك، نسأل الله أن تشفع له، وأن تثقل ميزانه، وها هما مكة والمدينة وزوارهما شهود على جليل الخدمة وعظيم العطاء، أما دفعه بعجلة التنمية الاقتصادية والصناعية فالمدن الصناعية والاقتصادية ناطقة بهذا، فإنها لم تكن لتنشأ إلا إثر حراك كبير ومشاريع متتابعة يصعب الحديث عنها في هذه العجالة، أما بساطة القائد الراحل وحبه لشعبه وحرصه عليهم فأمر استفاض وانتشر، وهو ما أودع في قلوب المواطنين حبه والحزن على رحيله، وهذا من العزاء في هذا المصاب الجلل.
والمشروع لنا أن نقول فيه» اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً» كما أن من العزاء الاجتماع على مبايعة خلفه الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- الحاكم الحكيم والوالد الكريم، المثقف الخبير بالأمور والأحوال والأسر والدول، لديه من خبرة السياسة وسياسة الخبرة ما يميزه عن كثير من الحكام مع تقديره للعلماء والمفكرين والأدباء، وتمسكه الكبير بهوية هذه الدولة الإسلامية ودعوتها السلفية، هذا وغيره من أوصافه التي تنتظم في شخصية قوية وحضور فاعل في كثير من المحافل، ولذلك كان تنصيبه في هذه الفترة الحرجة مؤشر اطمئنان لهذه البلاد التي تحتاج لشخصية بهذا الحجم قوة وتأثيراً تتجاوز بها المضائق، وتفتح لها المغالق، وقد انعكس هذا في اللحظات الأولى لتوليه باختيار حكيم وتعيين ولي لعهده وهو صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رجل الخبرة والتجربة الطويلة، وبولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف رجل الأمن والحزم وفقهما الله وأعانهما، وهنيئاً للوطن بهما، ولا يفوتني في خاتمة المقال تهنئة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على الثقة الملكية بتعيينه وزيراً للدفاع ورئيساً للديوان الملكي ليكون للوطن حامياً ولحاكمه ملازما، بارك الله فيه وسدده، وحفظ بلادنا وأدام إيماننا وأمننا، وجمع قلوبنا وأصلح ذات بيننا، وهدانا سبل السلام.
منصور بن عبدالله الغفيلي - المستشار والمشرف العام على مكتب وزير الخدمة المدنية سابقاً.