أنا وقد بلغت من الكبر عتيا لم يبق لي غير ذكرياتي عن غيري أكثر من ذكرياتي عن نفسي. فهاهو الملك سلمان بن عبدالعزيز أذكر عنه صفة حبه لوطنه ممثلا في حبه لأبناء وطنه، فقد كنت أستاذا للاقتصاد في جامعة الملك سعود جامعة الرياض سابقا، والزمن ما بين 1390-1400هـ، وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز، رغم مشاغله الإدارية كحاكم لمدينة الرياض -العاصمة-، أقصد أمير الرياض، إلا أنه كان يحرص على حضور حفل الخريجين في الجامعة، وأذكر تماما ما جاء في كلمته للخريجين (أنتم وزراء المستقبل لهذه الدولة، ومنكم الوكلاء والمسؤولون عن إدارة الحكومة..)، يكررها كل عام يشرّف فيه احتفال الجامعة بخريجيها.
وفيه أيضا -حفظه لله- صفة التقدير لمواطنيه من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، يصافحهم فردا فردا، وأحيانا يداعبهم بلطف ومودة وبتواضع جم. وأنا واحد منهم!
الملك سلمان بن عبدالعزيز تاريخ هذه الأمة في معاناة شؤونها الداخلية وفي علاقاتها الخارجية، عاصر الملوك ورؤساء الحكومات لأكثر من نصف قرن، فاستقى الخبرة مبكرا حكمة وحنكة.
ومن صفاته في هذا المجال تقريب الفجوة بينه وبين أفراد شعبه، حتى لا تكاد تظهر، حازما في حكمه إذا تبين له الحق, يتلمس حاجات شعبه في أدق تفاصيلها, جبلت شخصيته القوية على الاستماع طويلا في حالة دعوى لقضية، وهو بهذا مدرسة في إدارة الحكم.
الملك سلمان بن عبدالعزيز جاء عهده في وقت نضوج هذه الدولة الفتية، الأمر الذي يحتاج بالضرورة إلى شخصية سلمان القوية لإعادة هيكلة النظام الإداري ورفع مستوى كفاءة فعالية الهيئات والمجالس استنادا إلى القرارات الصادرة وتفعيلها للصالح العام بما يحقق الأمن والرخاء.
وإذا كان لي مسألة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز فهي المحافظة على صفاء العقيدة وقوة التوحيد في هذه البلاد والاهتمام بالقضاء للعدل بين العباد، واحترام الملكية العامة في أصغر جزيئاتها، والعمل على ضبط المال العام، والأهم بين هذا وذاك التمسك بالأمن بلا هوادة، فهو صمام الأمان وضمان الاستقرار للنهوض بالبلاد.
كلنا نبايع سلمان ملكا علينا وعلى البلاد، وندعو الله أن يمد في عمره وأن يشد عضده بأخيه وابن
أخيه، ومني شخصيا أدعو لله له مخلصا في الغيب أن يعطيه طول العمر في ظل الصحة والعافية والتوفيق والدعاء في الغيب أبلغ...
- د. محمد بن عثمان الراشد