الخوارج هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، سموا بذلك لخروجهم عن الجماعة، وسموا أيضاً بالحرورية لنزولهم بحروراء في أول أمرهم، وأول قرن طلع من الخوارج ظهر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم في قسمته، واسمه عبد الله ذو الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ فأراد عمر - رضي الله عنه - قتله فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث في صفة الخوارج وأنهم يخرجون من ضئضئ هذا الرجل. وقد قاتلهم علي رضي الله عنه في موقعة النهروان فقتلهم حتى كان منهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي الذي قتل عليًا بعد أن دخل في صلاة الصبح، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الخوارج لايزالون يخرجون حتى يدرك آخرهم الدجال، فقد جاء عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينشأ نشأٌ يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع، قال ابن عمر: سمعت رسول الله يقول : « كلما خرج قرن قطع « أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال «وقد جاءت نصوص كثيرة تحذر من الخوارج منها ماثبت في الصحيحين عن علي - رضي الله عنه - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيخرج قوم في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة».
قال الإمام البخاري: وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال : انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين، والنصوص الواردة في ذم الخوارج أكثر من النصوص الواردة في ذم غيرهم من الفرق، مع أن غيرهم من الفرق قد يكون أشد ابتداعًا منهم، لأن الفتنة بهؤلاء أعظم من غيرهم لأن لهم إيمانًا وحالاً ظاهرة من الصلاح والاجتهاد في العبادة من صلاة، وصيام، وتلاوة قرآن وما إلى ذلك من إظهار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيغتر بهم وينخدع الجاهل بعقيدتهم، فلذا جاء النص في التحذير منهم، وقد وصفهم ابن عباس رضي الله عنه عند ذهابه لمناظرتهم فقال: « فأتيت فدخلت على قوم لم أر أشد اجتهادًا منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم معلمة من آثار السجود«
ومن شدة غلو الخوارج أنهم يكفرون أهل المعاصي ويقولون بتخليدهم في الناروهذا من جهلهم وضلالهم وقد اختلف أهل العلم في تكفيرهم فالجمهور على أنهم عصاة مبتدعة ضالون، ولكن لا يكفرونهم وذهب جمع من أهل العلم إلى تكفيرهم منهم سماحة شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله -لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم) وقوله صلى الله عليه وسلم : (يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه).
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه صلاح البلاد والعباد إنه سميع الدعاء قريب الإجابة.
د. حمود بن محسن الدعجاني - عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء