هلل العديد من المثقفين والأكاديميين والمتخصصين بالتربية والتعليم للقرار السامي حول دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة بمسمى وزارة التعليم، وغرد المغردون بآمالهم وطموحاتهم وأطروحاتهم حول أهمية هذا الدمج وفائدته لخدمة وحدة التعليم وترابطه بين مختلف المستويات والتخصصات، وأن هذا الدمج سيؤدي إلى جودة مخرجات التعليم العالي واستقلالية الجامعات في إداراتها وقراراتها. وكأن أنظمة وزارة التعليم العالي سابقاً فرضت التماثل والتشابه بين الجامعات.
إن المهمة صعبة أمام الوزير الشاب، نسأل الله له العون والتوفيق والرشاد في قيادة هذا المركب إلى بر الأمان والسير به على الوجه الصحيح. هذا الدمج يتطلب صياغة فكر جديد لدى وزارة التعليم المثقلة بإرث إداري بيروقراطي لعقود طويلة. ومن استقراء أخبار الأسابيع الماضية نجد معالي الوزير منخرط في أعمال التعليم العام ومناسباته إلا من النذر اليسير الموجه للتعليم العالي. فمن أين أتى المغردون بالإيجابيات والفوائد المحلقة في عنان السماء والتي ستنتج عن هذا الدمج إلا من آمال وتصورات براقة.
وزارة التربية والتعليم كانت مثقلة بمتطلبات ومشاكل آلاف المنتمين إليها، وسيضاف إليها عبء آخر من المنتمين لوزارة التعليم العالي، بمعنى ستصبح وزارة واحدة مسؤولة عن أعمال نسبة مرتفعة من موظفي الدولة. والدلائل تشير إلى تيار معاكس لهذه الطموحات، إذ نجد بعض المديرين في الوزارة يعتقدون أن هذا الدمج جلب لهم مسؤوليات وصيداً ثميناً لابد من التحكم في كل صغيرة وكبيرة من مفاصله.. وبالتالي نجد الأعمال التي تتطلب الربط والتكامل بين التعليم العام والتعليم العالي تواجه بتعقيدات الروتين وإطالة إجراءات الوصول إلى قرار يخدم المصلحة العامة.
لا شك أن هدف قرار الدمج هدف نبيل لتحقيق مصلحة عامة، ومن أهم جوانب هذه المصلحة تنفيذ الأعمال بالسرعة الممكنة دون تعقيدات وتعطيل للمصالح. وفي ظل هذا الهدف النبيل أمام معالي الوزير تحد كبير في غربلة المخطط الإداري والقيادات الإدارية في الوزارة لتكون على قدر المسؤولية في تبني هيكلية جديدة برؤى خلاقة ومبدعة ومرنة لتنسجم مع مفهوم التكامل والتوازن وتهتم بكل مراحل التعليم في جوانبه الإدارية والعلمية والمالية دون انحياز إلى مستوى دون آخر.
قرار القيادة وجه بوصلة التحدي، وعلى العاملين في مجال التعليم من أعلى المستويات إلى أدناها قبول هذا التحدي والعمل بجد ومحبة ونفان لتحقيق هذه التوجيهات بما يخدم الوطن والمواطن. نسأل الله العلي القدير أن يوفق العاملين المخلصين لما يحبه ويرضاه.
د. محمد شوقي بن إبراهيم مكي - جامعة الملك سعود - كلية الآداب