الجزيرة - حسنة القرني:
في الوقت الذي كشفت بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في المملكة في شهر يناير الماضي أن النمو الاقتصادي في المملكة تراجع إلى أدنى مستوياته في أكثر من عام، وذلك في الربع الرابع من 2014م بما يشير إلى أن هبوط أسعار النفط قد يتسبب في إحداث تباطؤ للنمو الاقتصادي، دعا اقتصادي في حديثه لـ«الجزيرة» إلى أهمية النظر إلى حجم ومقدار التدفقات التجارية والاقتصادية الداخلية لما يعكسه ذلك من صورة حقيقية لوضع التدفقات المالية الخارجية والداخلية للسعوديين وبالتالي الاقتصاد السعودي.
وعزا الخبير الاقتصادي فضل البوعينين تسارع النمو في التدفقات المالية للسعوديين إلى خارج المملكة إلى وجود استثمارات تجارية واقتصادية خارجية للسعوديين، مؤكِّداً لـ«الجزيرة» زيادة معدلات نمو التدفقات التجارية والاقتصادية إلى خارج المملكة للسعوديين فهي ليست مجرد خروج للأموال فقط، رابطًا بينها وبين زيادة السيولة في الاقتصاد، إضافة إلى ارتفاع الدخل والعلاقات التجارية بشكل عام ، موضحاً أن غالبية رجال المال والأعمال في السعودية يرتبطون بمشروعات خارج المملكة كما يرتبطون بعلاقات مالية خارجية، مشددًا على أهمية النظر إلى حجم ومقدار التدفقات التجارية والاقتصادية الداخلية لما يعكسه ذلك من صورة حقيقية لوضع التدفقات المالية الخارجية والداخلية للسعوديين وبالتالي الاقتصاد السعودي. وحول مدى زيادة مقدار وحجم هذه التدفقات المالية للسعوديين إلى خارج المملكة خلال الفترة المقبلة توقع الخبير الاقتصادي عدم زيادتها، مؤكِّداً أن حجم التدفقات مرتبط باستثمارات لافتا إلى أن بعض هذه الاستثمارات وقتية وبعضها الآخر استراتيجية.
وتشير بيانات مصلحة الإحصاءات المعدلة في ضوء التضخم إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.5 في المئة مقارنة مع الربع الأخير من 2013م منخفضًا بـ 2.4 في المئة في الربع الثالث من العام و4.9 في المئة من الربع الأخير من 2013 وعلى مدى 2014 بأكمله نما الاقتصاد السعودي 3.6 في المئة، وتأتي هذه التقديرات بعد أن قامت مصلحة الإحصاءات العامة بتغيير سنة الأساس لتقديراتها إلى 2010م عوضًا عن 1999م.
وعلى الرغم من ذلك فلا تزال المملكة بحسب تقديرات عدد من الاقتصاديين داخل وخارج المملكة بحاجة إلى المزيد من الإجراءات لدعم اقتصادها، ومن أبرز تلك بيع مشتقات البترول كبديل عن الخام مع ضرورة دعم تصنيع المعادن من خلال بناء مدن صناعية تعتمد عليها على غرار مدينتي الجبيل وينبع إلى جانب تصدير الذهب بشكل أمثل.
وعلى صعيد متصل، أكد المدير المساعد بفرع صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تيم كالين تقليص عائدات المملكة بسبب هبوط أسعار النفط داعيًا المملكة في تصريحاته خلال ورشة عمل أقيمت مؤخرًا في الرياض بعنوان «اقتصاديات الشرق الأوسط في ظل المتغيرات الدولية ودور القطاع الخاص» إلى تنويع مصادر الدخل لتحقيق إيرادات ومكاسب أعلى مما يجعلها قادرة على خلق المزيد من الفرص الوظيفية في القطاع الخاص والعالم.
ووفقا لتقرير مؤشرات الحسابات القومية لعام 2014 الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص ارتفاعا في قيمته بالأسعار الجارية بنسبة 9 في المئة مقارنة بالعام الماضي 2013م ليصل إلى 1.1 مليار ريال، ويعكس ذلك ما يشهده القطاع الخاص من نمو إيجابي في أغلب أنشطته الاقتصادية المختلفة ومن أبرزها البناء والتشييد بنسبة نمو قدرها 13 في المئة وتجارة التجزئة والمطاعم والفنادق بنسبة 9.6 في المئة. أما فيما يتعلق بالصادرات السلعية والخدمية فقد أشار التقرير إلى تسجيل القيمة الإجمالية للصادرات السلعية والخدمية في عام 2014م انخفاضًا بنسبة 6 في المئة لتصل إلى 1.4 تريليون ريال، كما بلغت الصادرات السلعية غير البترولية حوالي 219 مليار ريال بارتفاع 8 في المئة في العام 2013م وسجلت الصادرات الخدمية رقما متواضعا لا يتجاوز 46 مليار ريال مقابل 44 مليار في عام 2013م وقفزت الواردات السلعية والخدمية في عام 2014م إلى 929 مليار ريال بارتفاع 8 في المئة، أما الواردات السلعية بمفردها بلغت 639 مليار ريال بزيادة قدرها 1.3 في المئة وبلغت الواردات الخدمية 290 مليار ريال بزيادة قدرها 25 في المئة حسب التقديرات الأولية لميزان المدفوعات.
وتطرق التقرير إلى الرقم القياسي لتكلفة المعيشة أحد المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم، مشيرا إلى أنه سجل نسبة ارتفاع قدرها 2.7 في المئة عما كان عليه في العام السابق وسجل معامل انكماش الناتج المحلى الإجمالي للقطاع غير النفطي لقياس التضخم على مستوى الاقتصادي الكلى ارتفاعا بلغ 3 في المئة مقارنة بما كان عليه في العام السابق.
إلى ذلك أظهرت تقارير ارتفاع إجمالي التحويلات المالية الشخصية من المملكة إلى الخارج وذلك لأعلى مستوى لها خلال 20 عاما الماضية وذلك منذ عام 1994م وحتى عام 2013م حيث بلغ نحو 226.6 مليار ريال في 2013م مقارنة بـ 194.5 مليار ريال في 2012م بارتفاع نسبته 16.5 في المئة. كما ارتفعت التحويلات الشخصية إلى الخارج من غير السعوديين بنسبة 18 في المئة في 2013م، حيث بلغت قيمتها 148 مليار ريال مقارنة بـ 125.2 مليار ريال في 2012م. كما ارتفعت التحويلات الشخصية من السعوديين 13.5 في المئة حيث بلغت 78.6 مليار ريال مقارنة بـ 69.2 مليار ريال في 2012م. ووفقا للتقارير سجلت واردات المملكة السلعية والخدمية ارتفاعا حيث بلغت قيمتها في 2013م نحو 841 مليار ريال مقارنة بـ 807 مليارات ريال في 2012م بارتفاع نسبته 4 في المئة.
وعلى الرغم من تراجع معدلات النمو الاقتصاد العالمي إلا أن صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر عن 2014م أكد متانة الوضع الاقتصادي للمملكة وذلك على المستوى الكلي، حيث حققت المملكة معدلات نمو تعد الأعلى بين مجموعة العشرين تمتع المملكة بوضع مالي قوي بفعل استمرار الإيرادات النفطية بمستويات مرتفعة للأعوام الماضية الأمر الذي مكن المملكة من حصر الدين العام 2.7 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي. ما يؤكد أن هبوط أسعار النفط المحلي أدَّى إلى تقليص إيرادات المملكة إلا أنه لم يؤثر على نمو الناتج المحلي الإجمالي مباشرة ما لم يتغير حجم إنتاج الخام.
يذكر أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أصدر عقب توليه للحكم أمرا ملكيًا بصرف راتب شهرين أساسيين للموظفين السعوديين من المدنيين وعسكريين ومكافأة راتب شهرين للطلاب والطالبات في التعليم الحكومي بالمملكة وخارجها وتعديل سلم معاش الضمان الاجتماعي وصرف مكافأة إعانة شهرين للمعاقين. ولم تعلن وزارة المالية حتى الآن أي رقم للقيمة النقدية لهذه المدفوعات إلا أن ميزانية الدولة لعام 2015م أكدت أن الرواتب والأجور تشكل 50 في المئة من الإنفاق الكلي. وتشير التوقعات الاقتصادية إلى تنامي مستوى الإنفاق الاستهلاكي خلال الفترة المقبلة كما تؤكد على قوة الاقتصاد السعودي بالنظر إلى احتياط المالي للدولة.