وزارة التعليم الجديدة التي ورثت وزارتي التربية والتعليم ووزارة التعليم وصدر أمر ملكي في 9 - 4 - 1436هـ بإنشائها، ينتسب لها ما يزيد على ثلاثين في المئة من سكان المملكة، بحوالي سبعة ملايين من الطلاب والطالبات في جميع المراحل، وحوالي 600 ألف من المعلمين والمعلمات وأعضاء هيئة التدريس إضافة إلى الطواقم الإدارية المساندة. هذا يعني أن هذه الوزارة تتعامل مع شريحة كبيرة ومؤثرة في المجتمع وتهم جميع الفئات. كما أن الوزارة معنية كذلك ببناء الإِنسان وتنمية الموارد البشرية في المملكة، وبالتالي فإنَّ نجاح هذه الوزارة، وهو المؤمل بمشيئة الله، يعني تحقيق تنمية مستدامة، وهذا ما تسعى له الدولة ويطمح له كل مواطن.
ومن هذا المنطلق وتحقيقا لدورها فإنَّ الوزارة معنية بتغيير العديد من المفاهيم والممارسات السلبية المتراكمة في المجتمع وغرس قيم ومفاهيم جديدة في الأجيال القادمة تقود إلى حب العمل، وحب التعلم، والحرص على الوقت، واستثمار الفرص، واكتساب المهارات الحياتية المتنوعة، وتنمية الحس الوطني والمواطنة الصالحة، والتسامح وغيرها من القيم الإسلامية والتقاليد العربية الأصيلة والبعد عن الكسل والتكاسل، والانهزامية والاعتماد على الآخرين في كثير من أمور الحياة، كما أنها معنية كذلك بتنويع مخرجات التعليم وإيجاد محطات (مخارج) مختلفة لتأهيل الطالب لسوق العمل، وأن لا يكون الخيار الوحيد، والشائع في مجتمعنا، هو الحصول على شهادة البكالوريوس وانتظار الوظيفة الحكومية.
حيث إن هذا الخيار يصعب تحقيقه في الوقت الراهن فما بالك بالمستقبل، فمها عملت الدولة من زيادة في أعداد الوظائف العامة، فإنَّ أعداد الخريجين يفوق عاماً بعد عام أعداد الوظائف بشكل كبير، وبالتالي فالوزارة معنية بالتداخل مع جميع القطاعات والتنسيق معها بشكل عال، والمساهمة في صياغة مسارات التنمية المستقبلية في المملكة، وكذلك صياغة رؤية مستقبلية للمملكة يتم تبنيها في وزارة التعليم كمحرك ومنتج للموارد البشرية.
ومن أهم التحديات التي تواجه الوزارة الجديدة التنوع الكبير في أنواع التعليم، بدءا من مرحلة الروضة أو ما قبل المدرسة إلى الدراسات العليا (الدكتوراه)، حيث لكل مرحلة متطلباتها وفلسفتها وأدواتها، ومن التحديات كذلك الهيكل الإداري المترهل في الوزارتين السابقتين وضرورة تهذيب هذا الهيكل وبناء هيكل جديد، وما قد يواجهه من تحديات وممانعة ومحاولة المحافظة على المكتسبات والصلاحية قدر المستطاع، خصوصا في ظل التشابه الكبير في الأعمال المنوطة بالعناصر القيادية في هذه الهياكل، ومن التحديات كذلك اختلاف الأنظمة واللوائح بين التعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي وصعوبة توحيد هذه الأنظمة واللوائح أو تكييفها في وقت قصير.
وللتغلب على هذه التحديات أو معظمها هنالك العديد من الأدوات التي يمكن تبنيها، ومن أهمها وضع رؤية واضحة ومحددة للوزارة باعتبار الوزارة مكونا رئيسا في بناء الرؤية المستقبلية للمملكة في الخمسين سنة القادمة، وبالتالي توجيه التعليم في المملكة لتحقيق هذه الرؤية، كما أن اشتغال الوزارة برسم السياسة العامة للتعليم والعمل على توفير البيئة الداعمة للإبداع والتميز سيساهم في تجاوز العديد من التحديات، وكذلك الاستفادة من الجامعات المنتشرة في مدن ومحافظات المملكة للقيام بأدوار جديدة تساهم في رفع كفاءة وجودة التعليم.
ولعل تعيين وزير للتعليم من خارج الوزارتين يساهم بشكل كبير في تذليل الكثير من التحديات، حيث إنه ينظر للوزارة الجديدة دون الانحياز إلى إحدى الوزارتين السابقتين، ودون تأثير الأنظمة واللوائح المعمول بها في تلك الوزارتين في رسم سياسته المستقبلية للوزارة، هذه الميزة النسبية ستساعد وزير التعليم في إعادة هيكلة الوزارة بشيء من الأريحية وبنظرة شمولية للوزارة دون النظر بشكل مجهري ضيق.
أخيراً أقدم التهنئة لمعالي وزير التعليم الدكتور عزام بن محمد الدخيل على الثقة الملكية وادعو له بالعون والتوفيق والسداد وأمنياتي لوزارة التعليم بالنجاح وتحقيق الأهداف المرسومة لها.
د. عبدالعزيز بن عبد الله الحامد - وكيل جامعة سلمان بن عبد العزيز للدراسات العليا والبحث العلمي