الإسلام: هو أن تُسْلِم وجهك وقلبك لله - عز وجل - أي: أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين. وهذا المعنى قد بعث الله به الأنبياء جميعًا، وأنزل به الكتب كافة، فالإسلام بهذا المعنى هو توحيد الله سبحانه وإفراده - جلَّ شأنه - بالعبادة، فهو دين الأنبياء جميعاً وهو الطريق المستقيم الموصل إلى الله. فالعبد يدعو ربه بأن يهديه إلى الصراط المستقيم وهو طريق الله وأن يبعدهُ عن طريق المغضوب عليهم وهم اليهود الذين عصوا الله عن علمٍ ومعرفة، وطريق الضالين وهم النصارى الذين يعبدون الله على جهلٍ وضلال. وهو الذي بعث الله به نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلَّم - كما بعث جميع الرسل، وإن جميع ما خالفهُ من يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو وثنية أو غير ذلك من نِحل الكفر كله باطل، وليس طريقاً إلى الله ولا يوصل إلى جنته، وإنما يوصل إلى غضبه وعذابه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران 85).
لما كان (الدين) أكبر ناموس لحفظ مجتمع بني آدم وأهم عامل مؤثر في انتظام حياة البشر، كان لا بد على الإِنسان أن يبحث عن دينٍ وشريعة تحفظُ له هذا التعادل بأفضل صورة، وتضمن له السعادة والراحة في الدنيا والآخرة بشكل كامل.
إذا ألقينا نظرةً إجمالية على أديان العالم أدركنا أنه لا يوجد دينٌ شامل إلا دين الإسلام الحنيف وشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - لأننا عندما نلاحظ كتب الأديان السابقة، نرى أن أحكامها وتعاليمها تختص إما بالجانب الدنيوي من حياة الإِنسان فقط، أو تنحصر بالجانب الأخروي من حياته، أما الإسلام فكما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة 143).
فهو دين الوسيطة والعدل وهو الجامع بين حقوق الروح والجسم ومصالح الدنيا والآخرة، والمحقق للضرورات الخمس (الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال)؛ ولهذا فالله سبحانه وتعالى اختاره خاتمة أديانه ونسخ به جميع الأديان السابقة.
إن المتأمل للوضع قبل مجيء الإسلام كان بين سلبٍ ونهب ووأدٍ وقتل وتنازع وعبادة أوثان، فما أن جاءهم الإسلام إلا وحوَّل حياتهم إلى خير وسلام وأصبحوا بفضله إخواناً متحررين من قيود العبودية إلا لخالقهم فبذلك سمت واعتلت أرواحهم لبارئها.
بدل أن ينتموا لقبائل ويتعصبون لها ويتقاتلون من أجلها، جمعهم الدين الإسلامي على منهج واحد وأحدثت تعاليم الإسلام ثورة فكرية ومعنوية جعلتهم يسيطرون على أجزاء كبيرة من العالم. لم يكونوا أُناساً جدداً بل هم الذين كان النزاع والقتل والدمار والسلب والنهب يسيطر على حياتهم ويحرك عقولهم، لكنهم بالإسلام أصبحوا معتدلين.
إن من ينادي اليوم بأن الإسلام هو دين الإرهاب والتطرف إنما هو يتكلم بلسان وفكرٍ عقيم وجاهل في معرفته بالإسلام والسلام. نعم إن الإرهاب مطلب ديني كما قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا استطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (ص 148).
لكن الإرهاب هنا كما ذكر القرطبي: (ترهبون به عدو الله وعدوكم من اليهود والكفار ومشركي العرب. فالله - جل وعلا - يأمر هذه الأمة أن تُعدَ العدة لتخويف هذه الطوائف من الناس، ليشعروا بالرعب والهلع من المسلمين لا أن يستخدموه بينهم بالقتل والطعن باسم الإسلام وإحياء تعاليمه، ولا أن ينادى بإقامة دولة إسلامية سلفية وهي بعيدة كل البعد عن الإسلام وأهله) أ. ن
إن ما يجري اليوم باسم الإسلام وإقامة العدل وإظهار الحق من قتلٍ وسلبٍ ونهبٍ ما هي ألا أساليب وحشية لا تمت للإسلام بصلة، وما كانت يوماً منهجاً إسلامياً ولا طريقاً دعوياً، إن من يتكلم عن الإسلام لا يلزمه البحث والتنقيب في تشريعات ولا سنن لكن علية بالتمسك بالكتاب والسنة ففيهما البيّنة والحجة الواضحة لما يريد من الإسلام. والمصادر الشرعية أربعة (القرآن الكريم، السنة النبوية، الإجماع، القياس)، فمن فقد ضالته في أحد هؤلاء المصادر الشرعية سيجدها في الآخر المكمل والشارح لسابقه.
إن الله سبحان وتعالى شرع لنا هذا الدين وتكفّل بحفظه ولكن هي حكمته التي لا يعلمها إلا هو.. وهو من سنَّ الاختلاف ولذلك خلقهم سبحانه.
لكن.. من يتعامل اليوم بوحشية ومن يجاهر بالباطل باسم الإسلام، فالإسلام وأهله بريئون منه، فالمسلم لا يشوه دينه بقتل المسلمين ولا سلبهم ولا نهبهم ولا هتك أعراضهم بحجة إقامة دولة الإسلام. إن هؤلاء لا يمتون للإسلام ولا لتعاليمه السمحة بأدنى صله وما هي إلا أغراض مبطنة - لا تخفى على أهل العقول - تحت دعوى إقامة دولة إسلامية سلفية. فعلى من ينتسب لمجتمع الإسلام والمسلمين أن يتبع الجادة السليمة بالتمسك بتعاليم الإسلام المستقاة من الكتاب والسنة، وألا يتخطى الحدود ويشغل البلاد والعباد ويدّعي الإسلام لتحقيق أهدافه فيغتالُ الأمن والسلام.