يعاني الكاتب المؤلف السعودي معاناة شديدة من نشر نتاجه الأدبي بالداخل, فيصطلي بين نارين؛ نار غلاء أسعار نشر كتابه, ونار تأخر النشر، فيما يمر به كتابه على عدة مراحل في إجازته للنشر ومروره بعدة لجان، ربما لا تقرأ الكتاب وإنما تستوحي من عنوانه ما يستوجب المنع الذي في معظمه منعا تعسفيا, بغض النظر عن المادة التي يحفل بها الكتاب التي لا تمس الثوابت الدينية والسياسية. وإنما هي مادة أدبية ثقافية مثرية بالمعرفة الهدف منها إيصال مادة مستنيرة ينتفع بها القارئ وينعم بنفعها الجميع. حقيقة مشكلة النشر مشكلة يعاني منها المؤلف. مما جعل البعض يطبع كتبه خارج البلد. ونحن لدينا دور نشر ولكن سياسة النشر لدينا عقيمة تعيش بالماضي الماحق. فما أدري رغم وجود الحراك الثقافي المتمثل بالصحافة والأندية الثقافية والندوات والأمسيات الثقافية. هل مازلنا غير واثقين من أهمية نشر الكتاب ووضعنا الثقافي!؟ إذن ما معنى إقامة معارض للكتاب بالداخل والخارج.. إن الأمر ليبدو مضحكا..!!
أعترف هنا أن الناشر السعودي يبالغ برسوم طباعة الكتاب مبالغة شديدة، ولي تجربة مع دار نشر محلية، حينما طلبت منهم معرفة تكاليف طبع كتابين أعتزم نشرهما، فأتاني الرد الفزع، بأن تكلفة الكتابين تعادل 74 ألفا، قلت في نفسي يا للعجب، لو طبعت كتبي الاثنين بالخارج لما كلفاني هذا الثمن. وفعلا اتصلت بدار نشر بلبنان وسرعان ما جاءني الجواب بأن التكلفة لطباعة الكتابين هي أربعة آلاف دولار أي ما يعادل 16 ألف ريال فقط.
أقدم هذا المثل كدليل على غلاء سعر طباعة الكتاب لدينا, من واقع ما شاهدته وسمعته من الكثير من الزملاء الكتاب المؤلفين الذين طبعوا كتبهم بالخارج.. ولمصداقية القول تناولوا أي كتاب بين أيديكم وستدركون أنه طبع خارج الأسوار. فوزارة الثقافة والإعلام, من المؤكد أنها تعرف أن المؤلف السعودي يطبع كتبه بالخارج. فالشاعر يقول:
إن كنت تدري فتلك مصيبة... وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!!
حينما ينشر الكتاب خارج الأسوار ويوزع ويتناوله القارئ بكل يسر وسهولة. ولنا بمعرض الكتاب بالرياض شاهد فيما تحمله صناديق الناشرين التي معظم محتوياتها لمؤلفين سعوديين طبعوا كتبهم تهرباً من غلاء الناشر المحلي. الأمر الذي يشكل تهاونا وإقلالا بشأن طباعة الكتاب ومدخراته فيما يشكله من رافد اقتصادي وطني!
وأتساءل.. أين دور وزارة الثقافة والإعلام.. عما يحصل للكاتب المؤلف السعودي تجاه دور النشر المحلية؟! هل هي تتجاهل أهمية دور النشر والكتاب.. تاركة المؤلف يعاني المشقة في طباعة نتاجه؟! ولمصلحة من؟ حينما يلجأ معظم المؤلفين تزلفا على أبواب الأندية الأدبية، وكأنه التسول حتى تتكرم عليه وتطبع كتابه من مقولة يوجد لدينا اعتناء بالنشر وبحدود ميزانية النادي. هذا من جهة. ومن جهة أخرى حسب أمزجة الأندية فيما تنشره والكثير منه محاباة لهذا وذاك من كتاب وشعراء!!
باختصار.. متى نرى أن طباعة الكتاب تتصف بسهولة النشر وقابلية السعر المعقول الذي لا يرهق كاهل المؤلف ولا يجعل دار النشر المحلية مغالية بأسعارها الخيالية.. فمن يعلق الجرس؟ والذي حري أن تعلقه وزارة الثقافة والإعلام. لتدق ناقوس الخطر الذي يداهم صناعة الكتاب المحلي وتقضي على سبل معوقاته بأي شكل من الأشكال!!