موسكو - سعيد طانيوس:
كشف خبراء طاقة ذرية روس عن أن المشروع النووي المقترح من شركة «روس أتوم» على مصر لا يعدّ فقط إقامة محطة نووية لتوليد الطاقة، بل يتعلق بتشييد صناعة نووية كاملة لمصر، قوامها محطة نووية مكونة من 4 وحدات، بقدرة 1200 ميجاوات لكل منها، مؤكدين أن المحطة الروسية ستتمتع بأعلى مستويات الأمان، فضلاً عن تكاليفها المنخفضة مقارنة بنظيراتها الأوروبية والأمريكية.
وقال رئيس شركة «روس اتوم» الروسية سيرغي كيريينكو: إن الخبراء النوويين الروس سيعملون على بناء محطة للطاقة النووية في مصر، تتمتع بأعلى مستويات الأمن والسلامة، ومكونة من 4 وحدات، بقدرة 1200 ميجاوات لكل منهما. مشيراً إلى أن موسكو مستعدة لمنح قرض للقاهرة لبناء هذه المحطة.
وتابع كيريينكو قائلاً: إن بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر سيكون مشروعاً متكاملاً، مع إقامة وحدات تحلية مياه البحر، وهو أمر مهم جداً للبلد. مضيفاً بأن روسيا مستعدة ليس فقط لبناء محطة الطاقة النووية، لكن أيضاً تزويدها بالوقود وتدريب المتخصصين.
وقال رئيس القطاع الاقتصادي في «معهد الطاقة والمالية الروسي» الخبير سيرغي كوندراتيف: إن روسيا لن تبني فقط محطة للطاقة النووية في مصر، وإنما صناعة نووية كاملة؛ إذ تم بعد محادثات الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي على هامش المفاوضات التوقيع على اتفاقية لتطوير مشروع لبناء محطات للطاقة النووية في «منطقة الضبعة» شمال غرب مصر.
وأشار الخبير كوندراتيف إلى أن مصر في السنوات الأخيرة لا تظهر معدلات نمو اقتصادي مرتفعة؛ وذلك يرجع إلى أنها واجهت صعوبات في مجالات عدة، من بينها الأمن والوقود الرخيص والغذاء والطاقة والاستيراد وتنامي استهلاك الطاقة بمعدلات سريعة للغاية. وأضاف بأن مصر بحاجة إلى مصدر مستقر وغير مكلف نسبياً للطاقة، وهو ما يوفره إقامة محطة للطاقة النووية، خاصة بالنظر إلى حقيقة أن القدرات الصناعية لمصر ستحقق نمواً مرتفعاً متوقعاً في السنوات المقبلة.
ولفت الخبير الروسي إلى أنه ليست مصر وحدها الراغبة في بناء محطة للطاقة النووية؛ فهناك العديد من دول الشرق الأوسط لديها الرغبة ذاتها كالأردن، إضافة إلى دول الخليج، وهي دول لديها وقود حفري، لكنها تبدي تفاؤلاً ورغبة في تطوير الطاقة النووية لديها.
ورأى كوندراتيف أن تطوير طاقة نووية خاصة بمصر يوجب إيجاد حلول لقضيتين رئيسيتين، أولاهما قضية الأمن، فمصر ليست في منطقة هادئة؛ لذا يجب ضمان قدرات التشغيل الآمن لمحطات الطاقة النووية بها من جميع الجوانب. أما القضية الثانية - وفقاً لكوندراتيف - فتتمثل في تكلفة توليد الكهرباء «لأن مصر ليست دولة غنية جداً»؛ وبالتالي يتعين التعرف إلى أي مدى سيتم بناء هذا المشروع.
وأكد الخبير الروسي أن المشروع الروسي له أولوية بالنسبة للمصريين؛ لأنه أرخص بكثير من المشاريع الأوروبية والأمريكية المقامة في أي مكان، التي تزيد تكاليفها بمعدل يتراوح بين 1.5-2 مرة إذا قورنت بالتكلفة الروسية.
ولفت خبير الطاقة الروسي إلى أنه في ضوء الانخفاض الكبير لقيمة الروبل فإن المشروع سيكون له أولوية وقدرة على المنافسة. ولا ننسى أن المشروع الروسي الحديث يحتوي على عدد من الحلول التكنولوجية الجديدة تماماً، مثل تأمينه من الحوادث الطارئة مثل «فخ الذوبان».
وقال كوندراتيف إن المحطة النووية الروسية الحديثة أكثر مقاومة لجميع أنواع الحالات الطارئة غير المرتبطة بالنظام التكنولوجي، فالوحدة الواحدة سيكون بوسعها التحمل والصمود أمام حادث تحطم طائرة مباشرة فيها، وهذا مهم لمنطقة مضطربة مثل مصر. وبالنسبة للبلدان المكتظة بالسكان مثل مصر فإن مثل هذا النوع من المعايير الأمنية المرتفعة له أهمية خاصة؛ لذا فإن المشروع الروسي يبدو خياراً جيداً للغاية، كما أن تكلفته تتنافس مع الصين، فضلاً عن أن معايير الأمن والسلامة النووية في روسيا لا يمكن منافستها. وأضاف كوندراتيف بأن الخبراء النوويين الروس يقدمون مجموعة من الخدمات، بما في ذلك التدريب في الجامعات الروسية، وفرص تطوير المجالات الأخرى في مجال الطاقة النووية والصناعة.
من جهة ثانية, أكد كوندراتيف أن التعاون الروسي مع مصر لن يكون «مجرد مال»، لكن بناء محطة للطاقة النووية، يشمل تحسين العلاقات الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل جداً؛ لأن طول مدة المشروع يهيئ علاقات مستقرة بين جميع الأطراف. وبالنسبة لروسيا فإن هذا المشروع يعدّ فرصة للمضي قدماً في سوق واعد إلى شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهي منطقة لم نصل بعد إليها، ليس في المجال النووي فحسب، بل بصفة عامة بالنسبة لصادرات التكنولوجيا الفائقة.
وأضاف الخبير الروسي بأن وجود روسيا في هذه المنطقة مهم أيضاً لأن هذا السوق - بالرغم من الاضطرابات المختلفة - يتوقع له تحقيق معدلات نمو كبيرة في السنوات المقبلة بسبب العوامل الديموغرافية.
على صعيد آخر, أعلنت وزارة الزراعة الروسية أنها غير مستعدة لإلغاء الرسوم الجمركية على الحبوب المصدرة إلى مصر. وجاء تعليق الوزارة ردًّا على طلب القاهرة بشأن إلغاء الرسوم على صادرات الحبوب إليها، مشيراً إلى أن التشريعات الروسية تنص على تحديد رسوم واحدة لجميع البلدان.
وجاء في تعليق وزارة الزراعة: «في حالة اعتماد التدابير المقترحة من مصر بإلغاء رسوم التصدير على القمح سيتم تعميمها، بما في ذلك على البلدان الأخرى. فيما يتعلق بإلغاء رسوم التصدير على القمح فالتشريعات الروسية نصت على أن قيمة الرسوم تعتبر واحدة، وغير قابلة للتغيير حسب الأفراد أو الدول التي تصدر أو تستورد البضائع».