مما لا شك فيه أن وطننا الغالي مستهدف في شبابه الذي هم ثروته وركيزته، وسر قوته، وهم من يُعول عليهم - بعد الله - في بناء مستقبله وعزه ومجده، وفي ذات الوقت هم الهدف الرئيس الذي يتم استغلاله - بخُبث ودناءة - للنيل من ديننا وقيمنا ووطننا، وتمرير أجندة الجماعات الحزبية والإرهابية، من أجل تحقيق مآربهم الإجرامية، مستهدفين بذلك أمن بلادنا ومكتسباته ومقدراته، وتمزيق وحدته الوطنية.
وتعتبر شبكات التواصل الاجتماعي من أكبر مغريات الشباب، وأكثرها خطورة عليهم، بل وباتت هي القوة المهيمنة على اهتمامات الناس عموماً، والشباب على وجه خاص، ولذلك كان لأصحاب الفكر المنحرف، ولقوى الشر والضلال وجود قوي ومؤثر عبر شبكات الإنترنت، وذلك عندما أدركوا مدى خطورتها البالغة على وعي وفكر شبابنا ذكورًا وإناثًا، مستفيدين من ميزتها في سرعة انتقال المعلومات المشبوهة والمغلوطة، وقوة تأثيرها على العقول والأفكار والمعتقدات، وبالتالي وجدوا في وسائل التقنية الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي - على وجه التحديد - أرضًا خصبة في زرع بذور الفكر المنحرف في عقول شبابنا، والتغرير بهم، وتسميم معتقداتهم الدينية والأخلاقية باحترافية - تقنية - عالية ومدروسة، وتأليبهم ضد أوطانهم، وإيغار صدورهم ضد ولاة أمرهم، وتشويه صورة عُلمائنا الأجلاء، وهز ثقة شبابنا، وجرهم إلى مواطن الفتن والصراعات والحروب الجارية بين التنظيمات والجماعات الإرهابية في الخارج.
وشخصياً وقفت بنفسي على قصص مؤلمة ومأساوية لعدد من شبابنا الذين كانوا ناجحين في حياتهم العملية، ويعيشون حياة أُسرية في قمة الرخاء والطمأنينة والسعادة، لكنهم أضاعوا وفقدوا كُل ذلك، عندما وقعوا ضحية عصابات التكفير والتفجير، ومحرقة الدعوات الجهادية الكاذبة من أولئك المتطفلين على العلم، والمتسترين بالدِّين، والمغرمين بحب الشهرة والصيت بين الناس؛ فبعضهم - الآن - في عِداد الأموات، والبعض الآخر يعيشون حياة الضياع والحسرة والندم في وقت لا لم يعد ينفع فيه الندم.
ولحماية أبنائنا من التغرير بهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فلا بد من التأكيد على أهمية تعاون وتكاتف (الأسرة، والعلماء، وخطباء الجوامع، والمعلمين، ورجال الثقافة والأدب) - كُلٌ حسب دوره - في تعزيز الأمن الفكري لمجتمعنا، باعتباره مشروعاً وطنياً ودينياً يستهدف ترسيخ قيم ومبادئ الإسلام السمحة في الوسطية والاعتدال، ونبذ الغُلو والتطرف الأعمى، والتسييس المغرض للدين، وكذلك في تقوية الوازع الديني والوطني في محاربة أصحاب هذه المواقع والأفكار المنحرفة التي بات أصحابها يدعون للجهاد ونصرة الإسلام تحت رايات مجهولة ومشبوهة.
د. خالد بن عبدالله بن فهد بن فرحان آلِ سعود - الرياض