رغب الإسلام في الزواج وحث عليه قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}؛ والأيم هو من لا زوج له من الرجال والنساء وقال تعالى:{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}.. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (متفق عليه). وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» (رواه مسلم). وقال -صلى الله عليه وسلم-: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة».. وفي لفظ «الأنبياء يوم القيامة.» وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». وفي لفظ «وفساد عريض».
فمن هذه النصوص وغيرها يتبين ما في الزواج من المصالح العظيمة من امتثال أمر الله ورسوله، وحفظ النسل وبقائه، والاستعفاف عن المحرمات والفواحش، وحصول الذرية الصالحة، وحصول السكن للمتزوج، وتكثير نسل المسلمين وعلى هذا فيجب على أولياء النساء أن ييسروا سبل الزواج ولا يغالوا في المهور بحيث يؤدي ذلك إلى عضل النساء لأن المهر قد جعله الله للمرأة رمزاً للتكريم ودلالة على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق قال -صلى الله عليه وسلم: «خير الصداق أيسره» (رواه الحاكم). وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها» (رواه أحمد). وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «التمس ولو خاتماً من حديد» ولما تزوج علي رضي الله عنه فاطمة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أعطها شيئاً!» قال ما عندي شيء، قال: «أين درعك الحطمية؟» قال: هي عندي! قال: «فأعطها إياه» (رواه أبو داود).
وقد تزوج عبدالرحمن بن عوف على صداق خمسة دراهم، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوج سعيد بن المسيب -رحمه الله- ابنته على درهمين وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «ألا لا تغلوا في صداق النساء فإنه لو كان مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله كان أولاكم به النبي -صلى الله عليه وسلم-» ما أصدق رسول الله امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت لكم علق القربة» رواه أبو داود؛ أي يقول لها: تكلفت وتحملت لأجلك كل شيء حتى حبل القربة أحضرته لك.
ومن الأسباب التي جعلت بعض الناس يغالي في مهور النساء ويضع العقبات في طريق الزواج الطمع والجشع لدى بعض الأولياء والتقليد الأعمى للغير وإسناد مثل هذه الأمور إلى النساء ممن يجهلن مقاصد الزواج وهذه المغالاة في المهور وعدم تيسير أمور الزواج للشباب جلبت مفاسد عظيمة للمجتمع منها: كثرة العوانس، وحصول الفساد الأخلاقي بين الشباب، وغش الولي لموليته وامتناعه من تزويجها للكفؤ وحصول العداوة للزوجة من قبل الزوج بسبب تكليفه فوق طاقته، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله ولا يمنعوا الخاطب الكفؤ ولا يضعوا في طريقه العراقيل والعقبات والشروط التعجيزية فهم مسؤولون أمام الله كما قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وأيضاً يجب على الشباب ألا يغالوا في تكاليف الزواج طاعة لله ورسوله وحتى لا يقعوا في الإسراف المحرم.
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يوفق الشباب لطريق العفة وأن يغنيهم من فضله ويجنبهم سلوك طرق الرذيلة والفساد ويوفق الجميع لما يحب ويرضى.
د. حمود بن محسن الدعجاني - عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء